تتزين أجواء الاحتفال بعيد الفطر في المملكة المغربية، بأجواء مفعمة بالفرحة الغامرة والروحانية الصافية، والأجواء العائلية والأسرية الدافئة، المزينة بالكثير من العادات والتقاليد والطقوس العريقة، النابعة من التراث والماضي لمشترك لأهل هذا البلد. ولا تختلف أجواء الاستعداد لاستقبال عيد الفطر في مدينة مراكش عن باقي المدن المغربية، إلا أنها تتنوع، إذ تجد المراكشيين يشرعون في تنظيف فضاءات المنزل وغسل الثياب وتنظيف الأواني النحاسية والفضية بمواد خاصة لجعلها أنيقة تلمع في استقبال العيد الذي تكثر فيه الزيارات بين الأهل والأصدقاء والأحباب، إضافة إلى استغراق وقت في إعداد مختلف أطباق الحلويات التقليدية الخاصة بعيد الفطر بأيام قبل حلوله، إضافة إلى شراء مجموعة من المواد الغذائية الخاصة التي لا بد من توفرها طيلة أيام العيد في كل منزل مراكشي. ولا يمكن أن تدخل بيتًا دون أن يتم الترحيب بك بهذه الأطباق المعروفة والمشهورة التي يتقدمها طبق "هربل" وهو إعداد طبق من القمح المقشر بالحليب على نار الفحم الهادئة منذ ليلة العيد إلى صباح يوم العيد وهو طبق تتخصص في إعداده الجدات أكثر من الأمهات وهو مراكشي وتجاوز المدينة الحمراء ليصبح الآن طبقًا مغربيًا تجده في معظم البيوت والمدن المغربية، كما أن من بين الأطباق الرائعة التي أصبحت عادة لصيقة بمراكش منذ قرون وهي حلوى " الغراف " التي ذاع صيتها في كل أرجاء المملكة المغربية التي لا يمكن أن تجد طاولة العيد خالية منها، فضلًا عن حلوى " رزة القاضي" التي كانت منذ القديم طبقًا ملوكيًا مشهورًا يخصص للشخصيات وأعيان البلد والذي بقي المراكشيون محافظون عليه على مر الزمان والذي تجده كذلك على طاولة الإفطار في عيد الفطر وحتى في عيد الأضحى، بالإضافة إلى مجموعة من الأطباق التقليدية الممزوجة بالأكلات العصرية مثل " كعب الغزال " و المسمن " والبطبوط " و " البغرير " ومختلف أطباق الكيك العصري التي اجتاحت الساحة حاليًا والتي لا تكتمل مهما كانت متنوعة ولذيذة وشهية إلا بتواجد الأطباق التقليدية التي يقبل عليها الصغير قبل الكبير كلها مرفوقة بأباريق الشاي المغربي المنعنع الذي لا يمكن أن يخلو منه كل بيت مغربي. فبمجرد سماع خبر تحديد يوم العيد ، وبعد إخراج زكاة الفطر، تتوجه ربات البيوت إلى المطبخ لآخر تحضيرات الحلويات أو ما يسميه البعض "فطائر العيد"، التي تتناول في صباح العيد، مثل "المسمن" أو "البغرير"، وتجهيز ملابس العيد لكل أفراد العائلة. وتسهر النساء المراكشيات عادة على إعداد فطائر العيد إلى وقت متأخر، ويحرصن على استقبال هذه المناسبة بمنازل نظيفة، يعكفن في اليومين الأخيرين من رمضان على تنظيف منازلهن وشراء مستلزمات تحضير الحلويات، التي تزين مائدة الفطور في أول أيام العيد. ويُعد يوم العيد يوما مميزا عند أهل مراكش، وكغيره من المناسبات المميزة، يتم اقتناء ملابس خاصة به حيث يركز المراكشيون على اللباس التقليدي، الذي يكون حاضرًا بقوة في المناسبات الدينية . وتلبس المرأة المراكشية "جلابة" والرجل يحرص على لبس "القندورة" خلال صلاة العيد أو الجلباب مرفوقًا ب"البلغة" المناسبة له، أو "الجبادور"، أما الأطفال فتتنوع ملابسهم وتختلف حسب إمكانيات أسرتهم المادية، إلا أنهم نادرًا ما يلبسون التقليدي في هذا العيد، عكس آبائهم. وفي صباح يوم العيد تعلو منابر "مصليات" ومساجد مراكش هثافات التكبير والتهليل والتحميد، ما يضفي على جو هذا اليوم نسمات روحانية، تُجسد في النفس معاني التقوى والإيمان، وبعد أداء صلاة العيد والاستماع إلى الخطبة، يشرع المصلون في تبادل التهاني والتبريكات، قبل أن يعودوا إلى منازلهم لتقديم التهاني لذويهم وأقربائهم وجيرانهم. ويعتبر عيد الفطر في مراكش فرصة لإحياء صلة الرحم وتقوية الروابط الأسرية، ومن العادات أن يتوجه الابن إلى بيت والديه رفقة زوجته وأبنائه ومن ثم إلى بيت أسرة زوجته لإحياء الرحم، أما في المساء فأغلبية المراكشيين يفضلون الخروج إلى الحدائق الخضراء والفضاءات العمومية التي تكون مزدحمة يوم العيد، كما تحرص الجدات، خاصة، على تقديم بعض المال لأحفادهن احتفالًا بعيد الفطر.