تنظيم انتخابات تمثيلية ليهود المملكة، وتدشين متحف للثقافة اليهودية بمدينة فاس (شمال شرق)، إجراءات تأتي متزامنة مع تعيين يوشياهو بينتو كبير حاخامات المغرب والقاضي العبري الأكبر فيها لتكريس مبدأ المواطنة. لوحة تعايش بديعة يرسمها المغرب، بإعلانه اعتزام تنظيم انتخابات تمثيلية ليهود المملكة، وتدشين متحف للثقافة اليهودية بمدينة فاس شمال شرق، إضافة إلى تنظيم عدد من الاحتفالات الدينية لهذا المكون. إجراءات تأتي متزامنة مع تعيين يوشياهو بينتو، كبير حاخامات المغرب والقاضي العبري الأكبر فيها، في خطوة ترنو من ورائها المملكة إلى تكريس مبدأ المواطنة لجميع رعاياها بغض النظر عن ديانتهم، وخفض هجرة اليهود إلى إسرائيل وأوروبا. وبحسب الدستور المغربي، فإن "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية". ومع أنه لا توجد معطيات رسمية حول الأقليات الدينية بالمغرب، إلا أن تقريرا سنويا للخارجية الأمريكية لعام 2017، عن وضع الحريات الدينية حول العالم، أكد أن أكثر من 99 بالمائة من المغاربة مسلمون فيما أشار إلى أن عدد اليهود في المغرب يتراوح بين 3 إلى 4 آلاف. وفي بيان صادر في 15 أبريل الجاري، أعلن سيرج بيردييغو، رئيس لمجلس الجماعات اليهودية بالمغرب (غير حكومية)، تعيين يوشياهو بينتو، مديرا لمركز دراسات يعني بمتابعة المدارس الحاخامية بالمغرب (تعنى بتدريس أبناء اليهود)، بالإضافة إلى ترؤسه للمحكمة العبرية بالمغرب (تعنى بدراسة قضايا اليهود)". والمحكمة العبرية تابعة للمحكمة الابتدائية بمدينة الدارالبيضاء، كبرى مدن المملكة، وتنظر وتبت في قضايا اليهود المغارب. ولفت البيان إلى أن التعيين حضره والي (محافظ) مدينة الدارالبيضاء سعيد احمبدوش، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين. إدريس القصوري الباحث المغربي اعتبر أن "الخطوات التي اتخذتها بلاده لصالح اليهود المغاربة، تأتي لاعتبارات عدة أهمها أنهم مواطنون مغاربة". وفي حديث للأناضول، أضاف القصوري أن "اليهود المغاربة يعتبرون من ساكنة (سكان) البلاد"، لافتا إلى أن الإجراءات المتخذة "غير مرتبطة بعدد اليهود، خصوصا أن المواطنة تقتضي من الدولة أن توفر جميع الحقوق لمواطنيها بغض النظر عن ديانتهم". كما أشار إلى أن "المغرب منفتح على جميع الديانات"، مضيفا أن "الملك أمير للمؤمنين في جميع الديانات". وفي خطاب ألقاه في أعقاب مراسيم استقبال بابا الفاتيكان فرانسيس، نهاية مارس/ آذار الماضي، قال العاهل المغربي محمد السادس: "بصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم". وتابع: "وبهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية". وأضاف العاهل المغربي: "أنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب".. وقبل أسبوع، أعلن المغرب اعتزامه تنظيم انتخابات تمثيلية ليهود البلاد، حيث أشار بيان للداخلية المغربية، أن العاهل المغربي أعطى تعليمات بتنظيم انتخابات "الهيئات التمثيلية للجماعات اليهودية" بالبلاد والتي لم تجر منذ 1969. وأفاد البيان الذي لم يحدد موعدا لتلك الانتخابات، أن العاهل المغربي طالب وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، بأن "يحرص مستقبلا على ضمان احترام تجديد هذه الهيئات بشكل دوري، طبقا لمقتضيات القانون المنظم لها". يشار إلى أن القانون المنظم لهذه الانتخابات، يعود إلى قرار إعادة تنظيم لجان الجماعات اليهودية الذي أصدره ملك البلاد في مايو/أيار 1945. وتعنى هذه اللجان بتدبير العلاقات بين اليهود المغاربة، والدفاع عن مصالحها بعدد من المؤسسات الحكومية في البلاد. وينص هذا القانون على أن اللجان اليهودية، تختص ب"مساعدة الفقراء، وإن اقتضى الحال تدبير الأوقاف الإسرائيلية"، بالإضافة إلى "السهر على تدبير الشؤون الدينية وإبداء الرأي في ذلك، مؤيدة بأسبابها وتقدم اقتراحات في جميع المسائل التي تهم جماعتها". ويبلغ عدد أعضاء اللجان بين 8 و20 شخصا، وتستمر ولايتهم أربع سنوات قابلة للتجديد. وينص القانون على أنه "يجب على رؤساء جماعات اليهود بالمدن التي بها بلديات أن يجتمعوا في هيئة مجلس عام، في شهر مارس من كل عام في الرباط". وأوضح القصوري أن "القانون الدولي والمغربي يسمح لليهود المغاربة بالانتخابات". وأوضح أنه "لا يمكن أن يكون هناك تمييز في حق اليهود أو أي ديانة أخرى، شريطة أن يكون هناك احترام للقانون". خلال الشهر الجاري، تم إطلاق أعمال بناء متحف للثقافة اليهودية بالمغرب، في خطوة تستبطن تزايد يهود المملكة. يشار إلى أن عدد اليهود المغاربة عرف تراجعا كبيرا منذ الأربعينيات والخمسينيات، بسبب هجرتهم إلى إسرائيل، ودول أخرى. وقال تقرير للحالة الدينية في المغرب، صادر عن المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة (غير حكومي)، إن عدد اليهود المغاربة يتراوح اليوم بين 3 آلاف و4 آلاف نسمة، يعيش أغلبهم في مدينة الدارالبيضاء (ألفين و500 نسمة)، وبضع عشرات في مدن الرباط (العاصمة) ومراكش (غرب) وفاس. وأضاف التقرير أن " اليهود المغاربة، بما فيهم الذي هاجروا خارج المملكة، دأبوا سنويا، على ممارسة مختلف طقوسهم الدينية بكل حرية. وفي تعاطي اليهود المغاربة مع الشأن العام، قال التقرير إن "الطائفة اليهودية بالمغرب نظمت مجموعة من الفعاليات، نذكر منها: افتتاح الكنيس اليهودي "صلاة الفاسيين" بعد ترميمه، وتأسيس جمعية تحت اسم: ‘جمعية أصدقاء متحف التراث اليهودي المغربي'، وانطلاق ‘قافلة الثراث اليهودي المغربي' لزيارة كل من الدارالبيضاءوفاس وإفران.