فجّر دفتر التحملات الجديد الذي صاغته شركة التنمية المحلية "سيتي بيس متجددة" والخاص بصفقة تدبير قطاع النقل الحضري، مخاوف بشأن مستقبل هذا القطاع الحيوي بعد أزيد من عقد ونصف عن التجربة المتميزة التي بصمت عليها الشركة الإسبانية "ألزا" في تدبير هذا المرفق بالمدينة الحمراء والمدن الكوكبية والمراكز القروية المجاورة. ويرى متتبعون للشأن المحلي أن التجربة التي انفردت بها المدينة الحمراء بفضل تعاقدها مع هاته الشركة الحاصلة على شهادة المطابقة الدولية والتي استطاعت القطع مع "الإنتكاسات" التي شابت سابقاتها من التجارب و وضعت حدا لمعاناة المراكشيين مع وسائل النقل، أضحت في مهب الريح في ظل الحديث عن كون شركة "ألزا" تتجه نحو عدم تقديم اي طلب لنيل صفقة جديدة لتدبير القطاع بمراكش، بسبب دفتر التحملات الجديد الذي تكلفت شركة التنمية المحلية "سيتي بيس متجددة" بصياغته. المخاوف التي تجتاح الشارع المراكشي ومعه المدن الكوكبية والمراكز القروية المجاورة وجدت صداها لدى المسؤولين بوزارة الداخلية الذين سارعوا إلى لفت انتباه والي جهة مراكش كريم قسي لحلو، لمجموعة من النواقص والشوائب التي تعتري طلب العروض المرتقب، لتفويت القطاع الحساس، وضرورة الاخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعايير التي دفعت والي الجهة إلى مراسلة المجلس الجماعي للمدينة في 20 دجنبر الجاري. ونبّه والي الجهة في مراسلته رئيس المجلس الاداري لشركة التنمية المحلية، إلى أن الاطلاع على تجارب مماثلة لما يتم الاعداد له بمدن اخرى، كشف ان طلبات العروض التي اعلن عنها من طرف شركة التنمية المحلية تم الطعن فيها وقضت المحكمة بإلغائها، داعيا الى اتخاذ الاجراءات القانونية والمسطرية اللازمة من أجل تأجيل موعد طلب العروض الى موعد لاحق، رحجت مصادرنا ان يكون بعد قرابة الشهر. ويتعلق الأمر وفق المعطيات التي توصلت بها "كِش24" بملاحضات المصالح المركزية لوزارة الداخلية بشأن كناش تحملات طلب عروض تفويت قطاع النقل الحضري و الشبه حضري الذي اطلعت الجريدة على نسخة منه، حيث استحضرت مراسلة لوالي الجهة، موجهة لرئيس المجلس الاداري لشركة التنمية المحلية، مجموعة من النقط المهمة، نظرا لاهمية القطاع وحيويته وارتباطه الوثيق بالمواطنين اجتماعيا واقتصاديا، ومدة تدبيره الذي تزيد عن 15 سنة، وذلك بغية اعتماد حكامة فعالة لتدبير المرفق العمومي. وشملت الملاحضات الموجهة في هذا الشأن، الاخذ بعين الاعتبار، احترام مخرجات وتوصيات مخطط التنقلات الحضرية بمراكش، وخلق تكامل بين مختلف وسائل النقل الحالية والمستقبلية، وضرورة اعداد دراسة كاملة باعادة هيكلة شبكة النقل الحضري والشبه حضري، حسب حاجيات الساكنة والامتداد العمراني. كما يتعلق الامر بالاخذ بعين الاعتبار نقل المحطة الطرقية لحي العزوزية، ومراعاة سريان اتفاقية النقل الشبه حضري الممتدة الى 2021، فضلا عن الاخد بعين الاعتبار الجماعات والاقاليم المجاورة لمراكش التي تعرف ديناميكية مستمرة على غرار تامنصورت والشويطر .. وحاجيات الساكنة للتنقل صوب مراكش، وامكانية خلق تنقلات جديدة لا سيما الصديقة للبيئة، وضرورة ادماج الحافلات الكهربائية التابعة لشركة التنمية المحلية. كما شملت التوصيات ضرورة الاخذ بعين الاعتبار النقل السياحي، وتحصين كناش التحملات وكذا نظام الاستشارة بشروط ومعايير جد مدققة، كفيلة بضمان اختيار الشركة الانسب لتدبير القطاع، وضرورة الاستفادة من تجارب النقل بالمدن الاخرى، علما ان الشركة الوحيدة التي قدمت ملفها لحدود الساعة، مغربية وأثبتت فشلها في تدبير القطاع بكل من القنيطرة ومكناس ووجدة، وأسطولها كان موضوع شكايات المواطنين بسبب جودته التي لاتقارن بأسطول شركة ألزا . وخلصت مراسلة والي الجهة الى ضرورة فتح المجال لدراسة الموضوع بشمل عميق، مشيرا الى ان مصالح الولاية بتنسيق تام مع المصالح المركزية لوزارة الداخلية، مستعدة لخلق ومواكبة لجنة موسعة للتشاور، عبر عقد عدة لقاءات واجتماعات لتدارس الموضوع من جميع الجوانب بحضور مصالح الجماعة وشركة التنمية المحلية وجميع المتدخلين المعنيين بتدبير المرفق، لضمان رؤية شاملة ومستقبلية للقطاع وتفادي كل ما من شأنه أن يعرقل تدبيره مستقبلا. واستغرب متتبعون للطريقة التي صيغ بها كناش التحملات على مقاس يلائم مقاس شركة مغربية "محترمة جدا" لإبعاد باقي الشركات المتنافسة بما فيها الشركة الإسبانية "ألزا" التي دفعت تجربتها الناجحة بالمدينة الحمراء مجالس مدن كبرى آخرها العاصمة الرباط إلى التعاقد معها لتدبير قطاع النقل الحضري، فالمراكشيون لن يرضوا بخدمات أقل ولن يقبلوا أكيد العودة الى زمن المعاناة مع وسائل نقل شركات أثبتت فشلها بمدن أخرى، مثلما لن يقبل المسؤولون العبث بمستقبل قطاع حيوي في مدينة ليست عادية مثل مراكش.