تسود في المملكة المغربية حالة من الترقب للتدابير التي يُفترض أن تكشف عنها حكومة سعد الدين العثماني، من أجل دعم القدرة الشرائية للمواطنين. ويأتي ذلك في ظل عدم تحسين الدخل عبر تصحيح الأجور بالتزامن مع ازدياد الشكاوى من التضخم الذي جسدته المقاطعة الشعبية لعدد من السلع التي تشهد ارتفاعاً في أسعارها. وجددت الحكومة المغربية التزامها باتخاذ تدابير من أجل تحسين القدرة الشرائية للأسر، وهو ما سيكون موضوع تمحيص من قبل المراقبين عند عرض مشروع موازنة العام المقبل على البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول. وقال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، إن الحكومة ستعمل على إطلاق حزمة تدابير اجتماعية لدعم الفئات الهشة والفقيرة وتعزيز القدرة الشرائية. وذهب الوزير في مؤتمر صحافي، في أعقاب انعقاد مجلس الحكومة الخميس، إلى أنه سيتم إدراج تدابير محددة في مجال دعم القدرة الشرائية ودعم الحماية الاجتماعية في مشروع موازنة العام المقبل. وثمن كل مبادرة تصدر عن أي شركة تعمل في القطاع الخاص، وتؤدي إلى دعم القدرة الشرائية، وذلك في إشارة إلى قرار شركة "سنترال دانون" بخفض سعر الحليب بعد حملة المقاطعة. وأكد على أن هناك حالة من التعبئة الرسمية محكومة بمنطق دعم القدرة الشرائية ودعم القطاعات الاجتماعية وتعزيز الحماية الاجتماعية في التعليم والصحة ومواجهة إشكاليات التشغيل. وسبق لوزير الاقتصاد والمالية السابق، محمد بوسعيد، أن تحدث عن الضغوطات تحيط بإعداد الموازنة، هذا ما يشير إليه الخبير في المالية، محمد الرهج، الذي يشير إلى ضعف النمو المتوقع هذا العام. غير أن المراقبين يترقبون كشف الحكومة عن فحوى التدابير التي ترمي من ورائها إلى التخفيف من عبء ارتفاع الأسعار، خاصة في ظل العمل نحو تقليص نفقات الدعم الذي اعتبرته الحكومة توجهاً لا رجعة عنه. ويقول الخبير المغربي في المالية العمومية، محمد الرهج، إن مشروع قانون المالية، يجرى تحضيره في ظل تراكم المطالب الاجتماعية، وارتفاع مديونية الخزانة والمديونية العمومية، وتوقع توقف هبات دول الخليج. واضاف في تصريح لموقع "العربي الجديد": "لا أعلم كيف ستعمل الحكومة عبر مشروع قانون المالية على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل ارتفاع التضخم والمطالب المتراكمة". ويذهب إلى أنه "يمكن للحكومة حصر ما يشكل أساس الإنفاق لدى الأسر المغربية مثلاً، والعمل على خفض أو حذف الضريبة على القيمة المضافة التي تخضع لها، بما يساعد على خفض أسعارها، وبما يدعم القدرة الشرائية". ويشير الرهج إلى أن الحكومة يمكنها دعم القدرة الشرائية للمواطنين، عبر التوصل إلى نتائج عبر الحوار الاجتماعي مع الاتحادات العمالية، حيث يفترض أن تفضي إلى تحسين الدخل ورفع الأجور في القطاعين العام والخاص. ويرتقب أن ينتقل معدل التضخم من 0.8 في المائة في العام الماضي، إلى 1.7 في المائة في العام الحالي، ما يعني زيادة الضغط على الأسر. ودفعت حركة المقاطعة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى تكوين لجنة من أجل تحليل أسعار السلع الأكثر استهلاكاً، مع الحرص على جعل الأسعار في متناول كافة الفئات الاجتماعية. ويسود الاعتقاد بالمغرب بأن جزء من ارتفاع الأسعار مرده إلى عدم تنظيم أسواق السلع وضعف شفافية المعاملات بها، ما يفتح الباب أمام تدخل الوسطاء والسماسرة. غير أن دعم القدرة الشرائية للأسر بالمغرب، قد يحد منه تحرير أسعار السكر وغاز الطهو، بعد رفع الدعم عن السولار والبنزين في 2015. وقد صرح العثماني بأن تحرير أسعار المحروقات لا رجعة عنه، وذلك في إشارة إلى القرار الذي اتخذ بتحديد سقف أرباح شركات المحروقات، والذي لم يفعّل بعد. واعتبر أن التحدي الذي يواجه الحكومة يتمثل في تحرير الأسعار مع الحفاظ على القدرة الشرائية، مؤكداً على أن حل هذه المعادلة موضوع مناقشات داخل الحكومة. وأكد العثماني على أن تفكير الحكومة منصب على عملية إلغاء المقاصة، خاصة لغاز الطهو، مع تجنيب الطبقة المتوسطة والفقيرة من تأثيرات هذا التدبير. وقد رفع محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، تقريراً للعاهل المغربي، في يوليو/ تموز الماضي، شدد فيه على أن إصلاح المقاصة، يجب استكماله وتعميمه. وأوصى بسياسة تكرس الإعلان عن الأسعار الحقيقية، مشدداً على ضرورة إرساء نظام لاستهداف الأسر الأكثر فقراً.