تعتبر الإعفاءات والامتيازات الجبائية آلية من آليات السياسة الاقتصادية تستعملها الحكومة من أجل تنفيذ برامجها وتسريع وتيرة تحقيق الأهداف المحددة. وتكون هذه الإجراءات الاستثنائية بمثابة محفزات للرأسمال الخاص ووسائل لتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية. وتمنح في الغالب للقطاعات المستهدفة في إطار تعاقدي وداخل سقف زمني محدد، وتكون محل عمليات تقييم دائم من أجل التاكد من جدواها ومن مدى تحقيقها للأهداف التي منحت من أجلها. لكنها تتحول في المغرب إلى مكاسب بالنسبة إلى المستفيدين الذين يرفضون ويتصدون لأي مراجعة لامتيازاتهم. وتمنح هذه الإجراءات الاستثنائية في غياب أي دراسة جدوى، بل تحولت إلى هدايا يستفيد منها محظوظون، وتكون، في الغالب، استجابة لمطالب لوبيات ولا تخضع لأي معايير، وتكلف الخزينة 3400 مليار سنتيم (34 مليار درهم). وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن نبه إلى ذلك وأشار في تقريره إلى غياب أي تعريف قانوني للإعفاءات الضريبية. وأدت هذه المقاربة إلى تركيز الضغط الجبائي على فئات محدودة، فيؤدي ذلك إلى انتشار التملص والتهرب الضريبيين، إذ يبتكر الملزمون أساليب من أجل تفادي أداء ما بذمتهم من مستحقات جبائية لخزينة الدولة. وتشير معطيات المديرية العامة للضرائب وفق ما نقلته يومية "الصباح" إلى أن عدد الخاضعين للضرائب لا يتجاوز 11 مليونا و 699 ألفا و 813 ملزما، أي حوالي ثلث العدد الإجمالي للسكان. ويؤدي الضريبة على الدخل 6 ملايين و 329 ألفا و 755 ملزما، في حين يصل عدد الخاضعين للضريبة على الشركات حوالي 278 ألف شركة، ويخضع للضريبة على القيمة المضافة، ما لا يقل عن 414 ألفا و 674 ملزما. ويتجاوز عدد السكان الذين يؤدون ضريبة السكن والضريبة على الخدمات الجماعية 3 ملايين و 343 ألفا، ويخضع للضريبة المهنية مليون و 334 ألف ملزم. وساهم الخاضعون للضريبة على الدخل، خلال السنة الماضية، بأزيد من 38 مليار درهم، علما أن 80 % من هذه الموارد يتم تحصيلها من الأجراء والموظفين، أي أن هاتين الفئتين تساهمان لوحدهما بأزيد من 30 مليار درهم. وأدت المقاولات 50 مليارا و 573 مليون درهم من الضريبة على الشركات، ويتركز الضغط الضريبي، بالنسبة إلى هذا الصنف من الملزمين، على قلة قليل من المقاولات، إذ تؤكد معطيات المديرية العامة للضرائب، أن 2 % من الشركات تؤدي حوالي 90 % من الموارد الإجمالية للضريبة على الشركات، وتساهم 35 مقاولة بثلث موارد الضريبة على الشركات يتم تحصيلها من 35 مقاولة. ويتضح من الأرقام التي تعلن عنها المديرية العامة للضرائب تمركز العبء الضريبي على فئة محدودة من الملزمين، ما يدفع العديد منهم إلى البحث عن كل الوسائل للإفلات من قبضة محصلي الضرائب. ولا يستسيغ العديد من المتتبعين ومحللي السياسات العمومية استمرار الحكومات المتعاقبة في تمتيع فئات محظوظة على حساب قلة قليلة، التي تتحمل لوحدها التكاليف العمومية.