أكد المختص في الأرصاد الجوية محمد بلعوشي أن المغرب ليس في منأى عن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والتي برزت بشكل جلي خلال هذا الصيف مع ارتفاع موجة الحرارة المفرطة في مناكق مختلفة من المعمورة. وقال بلعوشي، في تصريح صحفي، إن هناك فرقا بين الطقس والمناخ، فالأول يتغير بتغير الفصول، لذا فمن الطبيعي أن نشهد ارتفاعا في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، لكن عندما تتعدى مثلا مدة موجة الحر المصحوبة برياح "الشرگي" ثلاثة أيام، وتدخل في أسبوعها الثاني، فهذا يدخل في إطار الظواهر المناخية القصوى. ويرى بلعوشي أن التغيرات المناخية الناجمة عن النشاط الإنساني تعتبر أحد الأسباب الرئيسية في هذه الظواهر القصوى، ما ينجم عنه أعاصير وفيضانات وموجات حرارة شديدة، وهو ما نراه اليوم في تسجيل معدلات مرتفعة في درجات الحرارة في مناطقة تعتبر تاريخيا مناطق باردة أو معتدلة. ويتابع بلعوشي موضحا "المغرب ليس في منأى عن هذه الظواهر، لأن المناخ لا يعترف بالحدود السياسية، ولا يختار دولة دون أخرى، ما نعيشه هذا الصيف من ارتفاع لدرجة الحرارة، فاقت في بعض المناطق المعدلات الشهرية أو الفصلية المعتادة، والسبب هو قدوم الكتل الهوائية الساخنة من الجنوب، والتي من المعتاد أن تهب كل صيف لتصل إلى السهول بعدما تجتاز سلسلة جبال الأطلس، لكن هذا العام، موجة "الشرگي" طالت وتعدت مدتها الأسبوع، وهذا ما يمكن أن نصفه بأنه "ظاهرة مناخية قصوى". ويحذر بلعوشي المصطافين الذين يفضلون قضاء عطلهم في المرتفعات الجبلية من الاقتراب من مجاري الأنهار والوديان الجافة، ويقول "موجة الحرارة المرتفعة ستؤدي إلى عواصف رعدية في آخر النهار وبداية المساء، بسبب تمدد الهواء ما يعطي سحبا ركامية تكون مشحونة بطاقة كهربائية، ما يتسبب في نزول أمطار غزيرة في ظرف وجيز، وبما أن قوة انسيابها تكون شديدة، فإن الأرض تجد صعوبة في امتصاصها، ما ينجم عنه فيضانات شبيهة بما وقع في أوريكا والحاجب قبل سنوات، إذ أن سرعة تدفق المياه تتراوح ما بين 50 كلم و60 كلم في الساعة". ويرى بلعوشي وفق ما اورده "تيل كيل" أن موجة الجفاف التي ضربت المغرب في بداية الثمانينات وبداية التسعينات كانت مفيدة له، لأنها جعلت منه بلدا سباقا إلى دراسة التغيرات المناخية قبل أن تفطن لها بلدان كثيرة. ويوضح الخبير في الأرصاد الجوية أن المغرب كان من البلدان القليلة التي استثمرت في مجال الأرصاد الجوية، في وقت لم يكن فيه الحديث عن تغير المناخ ولا عن الاحتباس الحراري أمرا رائجا كما هو الحال اليوم. "لقد تسببت موجات الجفاف التي ضربت المغرب في تلك الحقبة، في تنبيهنا إلى ضرورة دراسة المناخ، ومن هنا جاءت سياسة تشييد السدود وترشيد استهلاك الماء، لأنه في ذلك الوقت كانت بعض الدول توزع الماء الشروب بالمجان، ثم بعدها سياسة تشييد السدود التلية، ثم اعتماد برنامج غيث لإنزال المطر للتغلب على فترات الجفاف وندرة الأمطار، وكلها إجراءات جاءت بعد تحليل المناخ ومراقبته عن طريق مديرية الأرصاد الجوية، التي استنتجت في وقت مبكر أن المناخ يتعرض لتغيرات غير مسبوقة"، يختم بلعوشي.