ربيع حار ينذر بصيف أشد لهيبا ماذا حدث للجو في المغرب؟ أصبحنا نرى الفصول الأربعة في يوم واحد.. لم يعد الطقس كما كنا نعرفه خلال السنوات الماضية حار جاف صيفا.. دافئ ممطر شتاء.. فقد ارتفعت درجة الحرارة في ربيع هذا العام إلى مستويات حرارة شهر يوليوز.. وأصبح من المألوف أن ترى البعض يرتدي ملابس الصيف الخفيفة في عز فصل الربيع الذي تتخلله هذه السنة رياح ساخنة وعواصف ترابية داهمت معظم المدن المغربية وسيول عارمة أغرقت مدينة مراكش. إنه حديث الشارع المغربي، وأسئلة وملاحظات المواطنين في مجالسهم هذه الأيام. بل بات بعضهم يتحدث عن «تطرف في الطقس»، وعن الخشية من امتداده إلى ما تبقى من هذا الفصل، مما سيؤدي إلى مزيد من انتشار الأمراض في صفوف الأطفال، وإلى خسائر فادحة في العديد من القطاعات المرتبطة بالعالم القروي. هذا «القلق المشروع سيتبدد»، يقول محمد بلعوشي، المسؤول بقسم التواصل في مديرية الأرصاد الجوية الوطنية، بداية من الأسبوع القادم، بعد توقف العوامل المسببة له. ويرى بلعوشي، في توضيحات قدمها لبيان اليوم، أن الأجواء الحارة السائدة في البلاد هذه الأيام، تعود إلى «صعود كتل هوائية من الصحراء الكبرى نحو المغرب، وذلك بتزامن مع تسرب كتل بحرية من المحيط الأطلسي. ويؤدي تباين حرارة الكتلتين إلى حالة من اللااستقرار تهم في مرحلة أولى قمم الجبال ثم تنتشر إلى باقي المناطق. ويتمثل لااستقرار الجو، بحسب بلعوشي، في سيادة جو مكفهر، تنمو عنه خلايا عاصفية مصحوبة بعواصف، مع تساقطات متفرقة وعابرة، وارتفاع غير عادي للحرارة، سيتواصل إلى نهاية الأسبوع الجاري. ولم ينف المتحدث ذاته، تأثر المغرب بالتحولات المناخية العالمية التي تطرق لها المؤتمر الأخير للجنة الدولية الحكومية لتغير المناخ، مؤكدا أن «التغيرات العميقة في الطقس اليومي هي إحدى مظاهر تغير المناخ العالمي (الاحتباس الحراري)، الذي ينجم عنه ارتفاع شديد في درجات الحرارة أو انخفاض شديد فيها، بالإضافة إلى ظواهر الصقيع وتساقط الثلوج وزيادة حدة الأعاصير والعواصف المدارية في أقاليم العالم المختلفة والفيضانات والعواصف والجفاف والتصحر. ويتوقع خبراء فرنسيون، الذين سيعقدون مع وزيرة البيئة الفرنسسية ناطالي كوسيكو موزيت، الاثنين القادم، اجتماعا بخصوص التوقعات المرعبة بخصوص حرارة صيف 2011، أن تشهد منطقة الحوض المتوسطي صيفا ساخنا جدا، قد يليه تغير في مواعيد ومعدلات تكرار حدوث الموجات الحارة والباردة والإجهاد المائي للمحاصيل وانتشار الآفات والأمراض. فإلي جانب التأثير في المحاصيل الزراعية وإنتاجيتها، فإن التغيرات المناخية ستؤثر، بحسب الخبراء الفرنسيين، على الإنتاج الحيواني، نتيجة تفاقم أمراض اللسان الأزرق وحمى الوادي المتصدع، فضلا عن انخفاض إنتاجية الأعلاف وزيادة التنافس علي موارد التربة والمياه بين المحاصيل العلفية والحبوب، وتغير توزيع الأسماك باتجاه الشمال وانتقالها للعيش في المياه العميقة، ناهيك عن أثر التغيرات المناخية علي الأوضاع الصحية للإنسان. وبهذا الخصوص، يقول الدكتور محمد بنجلون التويمي، «إن ارتفاع درجة الحرارة خلال هذه الأيام، أثر بشكل خاص على الأطفال الذين غصت بهم العيادات بشكل ملفت». وأوضح الدكتور بنجلون ،في تصريح لبيان اليوم، أن سقوط الأمطار وتباين درجات الحرارة العظمي والصغري يومياً والرطوبة، تؤدي إلي زيادة فرص الإصابة بأمراض الإسهال بين الأطفال.. كما يؤثر تغير هطول الأمطار ودرجة الحرارة والرطوبة والرياح في حدوث عوامل تؤدي إلي تطاير الجراثيم الفيروسية (أو ما يسميه عامة الناس الريح) التي تزيد من معدلات التهابات الجهاز التنفسي الحادة والدرن الرئوي والحمي الروماتيزمية والأمراض الصدرية الحساسية والربو القصبي الموسمي. كل هذه الأمراض ناتجة عن التغيرات المناخية التي تعتبر، بحسب محمد بلعوشي، ظواهر قصوى بل وواقعا نعيشه دون أن يتمكن العلماء من التوصل إلى المسببات الحقيقية ل»تطرف المناخ»، وإلى تحديد دورة منتظمة له، بدليل أن الجو الربيعي العادي، يقول المتحدث نفسه، سيعاود الظهور في المغرب الأسبوع القادم، في انتظار الواحد والعشرين من يونيو، بوابة فصل الصيف والتي تشهد عادة، خلال أسبوعها الأول، هبوب كتل هوائية قارية جافة وحارة من الجنوب الشرقي للبلاد، ترتفع معها الحرارة إلى ما بين 32 و40 درجة، خاصة بمنحدرات جنوب شرق الأطلس والمناطق الجنوبية للبلاد، وإلى ما بين 26 و33 درجة بالمناطق الساحلية، قبل أن تعاود الانتعاش والاستقرار في مستويات تتلاءم والفصل القائظ .