في إطار مواكبة المستجدات القانونية المتعلقة بمجال التعمير التي جاء بها القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء الصادر في 25 شتنبر 2016 نظم مجلس مقاطعة المنارة يوما دراسيا في موضوع “اشكالية التعمير .. مسؤولية الجميع” وقد قدمت عروض هذا اليوم الدراسي مساهمات لفيف من الباحثين والأساتذة والمهتمين من حقول معرفية مختلفة حاولت مقاربة إشكالية المخالفات في مجال التعمير والبناء من جوانب متعددة ، وهي تروم كما عبر رئيس مجلس مقاطعة المنارة في كلمة افتتاح أعمال هذا اليوم تبادل الخبرات وحسن تفعيل وتنزيل مقتضيات القانون 66.12 وإعطاء التوضيحات المستفيضة المتعلقة بالقراءة الصحيحة لمحتوياته و الذي يستهدف حماية مجال التعمير والبناء . و اختيار تيمة هذا الملتقى يضيف رئيس المقاطعة أملته اعتبارات عديدة أهمها التوسع العمراني والنمو الديمغرافي المطرد والذي ساهم في معاكسة شروط تنمية عمرانية متوازنة مما أدى بدوره إلى تصاعد المخالفات وتزايدها في مجال التعمير حيث لم يكن من بديل سوى سن قانون يتضمن تدابير زجرية فعالة لمحاصرة هذه المخالفات والحد من تداعياتها ( أزيد من 1812 مخالفة بمقاطعة المنارة على سبيل الذكر ما بين سنة 2011 وسنة 2016) . ومن خلال الاستعراض المختزل للكلمات التي ألقيت في هذا اليوم الدراسي نلاحظ أنها عكست المواقف الفقهية لمرجعيات ومستجدات وآفاق التعمير في ظل القانون 66.12 كما عكست توجسات وتخوفات المهنيين . وقد حاولت عروض الفترة الأولى تقديم رصد كرونولوجي للنصوص التشريعية قبل صدور القانون 66.12 ومسار مراجعة هذه الترسانة القانونية منذ سنة 1914 التي شهدت ميلاد أول قانون يتعلق بالتعمير في المغرب . واعتبرت المداخلات أن القانون 66.12 الذي صدر بالجريدة الرسمية تحت عدد 6501 يتكون من ثلاث أبواب وعشرة مواد وهي لا تلغي القوانين السالفة بل تتممها وتنسخ بعض المواد المتعلقة بزجر المخالفات. وعزت أسباب صدور هذا القانون إلى ضرورة ابتداع نص قانوني يتم عبره تجاوز القصور الذي اعترى آليات الزجر والمراقبة في القوانين السالفة وعدم تحديدها وتوضيحها لآليات التدخل والمسؤوليات وسقوط أغلب العقوبات والغرامات نظرا للعيوب الشكلية التي شابت الملفات المقدمة من لدن السلطات المختصة، وأيضا للإرتقاء بمكانة المهنيين المتدخلين في الورش. وبخصوص المستجدات المتضمنة في القانون 66.12 فقد أجملتها المداخلات في توحيد وتبسيط إجراءات ومساطر المراقبة وزجر المخالفات ، إضافة رخص الاصلاح والتسوية والهدم على قائمة الرخص المسلمة من طرف رئيس المجلس الجماعي، منح صلاحية معاينة المخالفات لضباط الشرطة القضائية أو للمخولة لهم هذه الصفة وتوسيع صلاحيات الأعوان المكلفين بالمراقبة وتمكينهم من الآليات القانونية والمادية حتى يتمكنوا من توقيف المخالفات في بدايتها بما في ذلك الإيقاف الفوري للأشغال وامكانية معاينة حتى المخالفة المرتكبة داخل المحلات المعتمرة بإذن كتابي من النيابة العامة، وممارسة مهام مراقبة أوراش البناء تلقائيا من طرف أعوان السلطة أو بناء على طلب السلطة الإدارية المحلية أو رئيس المجلس الجماعي أو مدير الوكالة الحضرية أو بناء على تبليغ كل شخص تقدم بشكاية في الموضوع. كما اعتبرت المداخلات أن من بين أهم المستجدات هو اتساع تجريم وزجر المخالفات ليشمل حتى المهنيين في حالة عدم تبليغهم للجهات المعنية في غضون 48 ساعة من تاريخ علمهم بالمخالفة بل امتدت لتشمل حتى بائعي مواد البناء بدون رخصة، أيضا تضمنت التنصيص على تحرير محاضر معاينة المخالفات طبقا للشروط المنصوص والمحددة في قانون المسطرة الجنائية. واعتماد دفتر الورش لتعزيز عملية التتبع، وتحديد إجراءات فتحه وإغلاقه ،واعتماد عقوبة الهدم وعقوبات سالبة للحرية والرفع من قيمة الغرامات المالية التي كانت متضمنة في القوانين السابقة والاكتفاء بشهادة مسلمة من طرف المهندس المعماري بمطابقة الأشغال للتصاميم دون حاجة لإجراء المعاينة. ولم تكتفي هذه المداخلات برصد الإشكالات والمستجدات المتضمنة في القانون 66.12 بل قدمت مقترحات للتنزيل السليم له عبر تأكيدها على ضرورة توفير الموارد البشرية المؤهلة وتوفير الإمكانات اللوجيستيكية الضرورية والتعاون بين المؤسسات المدبرة لقطاع التعمير وإحداث قضاء متخصص. بعض المداخلات حولت ملامسة عدد من المقتضيات المثيرة للجدل كتنصيص القانون 66.12 على إلزامية الحصول على رخصة البناء على كل تغيير كيفما كانت طبيعته وإلزامية الحصول على رخصة الإصلاح للأشغال الطفيفة وعلى رخصة الهدم سواء كان جزئيا أو كليا، منع المصالح المكلفة بتوزيع الماء والكهرباء من تزويد المبنى إلا بعد حصوله على رخصة السكن ، وتحديد الجهات المكلفة بمعاينة وإثبات المخالفة ومنحها صفة الشرطة القضائية ، مع أمكانية إيقاف الأشغال مباشرة بعد المعاينة وحجز المعدات وإغلاق الورش ووضع الأختام عليه مع تحرير محضر بذلك، ايضا التنصيص على مصادرة المحجوزات في حالة إدانة المخالف. وأمكانية هدم كل بناء غير مرخص له أو غير مطابق للرخصة المسلمة وهذا القرار أي الهدم لا يبطل تحريك الدعوة العمومية وتشديد العقوبات إقرار عقوبة المهندس المعماري ومنسق المشروع في حالة الاخلال بمقتضيات دفتر الورش. مداخلات وعروض الفترة الثانية استحضرت مخاوف وتوجسات المهنيين كعدم إشراكهم في مختلف محطات إعداد هذا القانون وتخوف المهندسين من تحمل المسؤولية في حالة ارتكاب المخالفة على اعتبار أن مسؤوليات باقي المتدخلين في ورش البناء غير منظمة بمقتضيات قانونية وأيضا توجسهم من العقوبات السالبة للحرية ومن التجاوزات المحتملة التي قد تصدر عن المراقبين لا سيما فيما يتعلق بسوء تقدير المخالفات نظرا لضعف تكوينهم وخبرتهم. ورغم ما أثير حول هذا القانون فالأكيد أن له مظاهر إيجابية تجلت على الخصوص حسب أحد المتدخلين في ملأ الفراغ القانوني المتعلق برخص الهدم التي استحدثها القانون وتقوية التنسيق بين الهيئات الرقابية وتمكين المراقب وضابط الشرطة من اختصاص اتخاذ الأمر بوقف الأشغال واتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة، منح المراقب صلاحية طلب تسخير القوة العمومية وإمكانية حجز المعدات ومواد البناء وإغلاق الورش ووضع الأختام ، إحداث لجنة إدارية لتنفيذ قرارات الهدم و إعطاء صلاحية إصدار الأمر للسلطة المحلية بدل العامل ،التنصيص على الهدم التلقائي حماية للأملاك العامة والخاصة والجماعات الترابية بالإضافة إلى أراضي الجموع وكذا المناطق غير القابلة للبناء بموجب وثائق التعمير.