هذه العبارة: "مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ"، استعرتها من الكاتب الموريتاني، الدكتور: محمد بن المختار الشنقيطي، الأستاذ الباحث بكلية قطر للدراسات الإسلامية في الدوحة، والتي عنون بها كتابه: "الخلافات السياسية بين الصحابة، قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ". هذه الرسالة التي قال عنها مؤلفها في مقدمته: "…أنه يتحكم فيها هم الفصل بين الشخص والمبدأ…وهي جملة قواعد منهجية مقترحة للتعاطي مع تلك الخلافات( يقصد الخلاف بين الصحابة) بما يعين على استخلاص العبرة منها لمستقبل أمة الإسلام وآتي أيامها…" ( ص8). هم الفصل بين الشخص والمبدأ، ينطبق تماما على النقاش الدائر بين بعض مناضلي الحزب، والمتعاطفين معه،حول مدى قانونية التجديد لبنكيران لولاية ثالثة على رأس الحزب. فبعد إعفاء السيد بنكيران من رئاسة الحكومة، وتحميله مسؤولية البلوكاج، الذي دام قرابة خمسة أشهر عن سبق إصرار وترصد، وتكليف الدكتور سعد العثماني بتشكيل الحكومة الجديدة، وقبوله بالشروط السابقة التي كانت سببا في هذا البلوكاج، ناهيك عن تخليه على وزارة العدل والحريات، وغيرها من التنازلات الظاهرة والباطنة. هذه الأحداث، خلقت نقاشا قويا بين الطرفين السالفين الذكر: – طرف يدعو إلى التجديد لبنكيران لولاية ثالثة كرد فعل على الإعفاء، وعلى الانتكاسات التي حصلت في تشكيل حكومة العثماني. – وطرف آخر يدعو إلى احترام مبادئ الحزب، وقيمه، وقانونه الداخلي الذي يمنع تولي منصب الأمين العام للحزب ثلاث ولايات متتالية. – السؤال: هل يمكن الجمع بين هذين الموقفين مع الحفاظ على وحدة الحزب وشعبيته ؟وكيف يمكن رد الاعتبار لمكانة الأشخاص، وفي المقابل الحفاظ على قدسية المبادئ؟ مكانة الأشخاص تتمثل في: أن بنكيران رئيس الحزب لولايتين متتاليتين، ورئيس حكومة لولاية واحدة، قاد من خلالها حزبه بنجاح في ثلاثة استحقاقات متتالية:2011-2015-2016، وقام ببعض الإصلاحات المهمة في ولايته الحكومية. قدسية المبادئ تتمثل في: أن بنكيران ترأس الحزب لولايتين متتاليتين، والقانون الداخلي (للحزب) يمنع التجديد له لولاية ثالثة. لكن، مكانة الأشخاص تتمثل أيضا في صمود هذا الرجل لمدة خمسة أشهر في وجه من يريد إهانة كرامة المواطنين، ورئاسة الحكومة، والحزب الفائز بالانتخابات الأخيرة على حد سواء، عن طريق تبخيس نتائجها؛ بغية إغلاق قوس الربيع المغربي. هذا الصمود، كلفه الإعفاء، انتقاما منه على تعنته. إعفاء شاركت فيه بعض الأحزاب للأسف، وبمباركة من الدولة، للعمل على إسقاطه، وإدلاله، والقضاء عليه سياسيا، كما فعلوا مع السيد عبدالرحمان اليوسفي في انتخابات2002، التي فاز فيها الاتحاد الاشتراكي بالرتبة الأولى، في حين ترأس الحكومة وزير تكنوقراطي (ادريس جطوا).إذن الرسالة كانت واضحة ولا تحتاج إلى تأويل أكثر. قدسية المبدأ تقتضي أيضا عدم التخلي على الرجل بهذه السهولة، والواجب: هو رد الاعتبار له؛ وفاء لصموده، ونضاله من أجل الإصلاح والحرية والديموقراطية. هل الانتصار سيكون لمكانة الأشخاص أم لقدسية المبادئ؟ المؤتمر القادم للحزب وحده الكفيل بالحسم.