في خطاب استعان فيه بالأحاديث الدينية والآيات القرآنية وقصص الصحابة، حسم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، مغادرته لزعامة الحزب الإسلامي القائد للائتلاف الحكومي، ولم يفوت فرصة افتتاح المؤتمر الوطني الثامن ل"المصباح" دون الاعتراف بأن الحزب يمر بهزات كبيرة جدا. بنكيران، الذي كان متحدثا صباح اليوم في المؤتمر الذي أوضح أنه ألغى احتفالية جلسته الافتتاحية بسبب الظروف التي يمر منها حزبه، قال إن الموعد جاء بعد "هزات كبيرة جدا وبعدما حقق انتصارات كبيرة في انتخابات 2015 قدنا بعدها كافة المدن الكبيرة والرمزية في البلد"، مضيفا أن الحزب انتصر وقتذاك "على خصومه رغم كل ما مدوا به من سند مادي ومعنوي وسلطوي، ورغم ذلك استطعنا أن نهزم خصومنا الخطيرين على الوطن". كلمة زعيم "إخوان المغرب" تضمنت رسائل طمأنة إلى القصر الملكي، حين شدد بنكيران على ضرورة "الوفاء للملكية التي هي هدية من الله لأنها قائمة على أسس دينية تمسكنا بها"، لكنه أضاف قائلا: "موقفنا من الملكية ليس مبنيا على موقفها منا، فليست علاقتنا مع الملكية سياسية فيها الشد والجذب"، مذكرا بأنه توجه إلى الملك محمد السادس في السابق بالقول: "قلت لجلالة الملك: حتى وإن أودعتني السجن فسأظل معك.. لأن البلاد محفوظة بالملك بعد الله". الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" استعان بآيات قرآنية وقصص من عهد الصحابة والأنبياء للحديث عما يقع داخل صفوف "إخوان المغرب" في ما بات يعرف بالخلاف بين تيار الاستوزار وبين الداعمين لبنكيران في الاستمرار على رأس الحزب لولاية ثالثة، متحدثا عن وجود "النفاق" الذي قال إنه "دائما موجود فينا وليس فقط في الآخرين ويجب أن نحتاط منه، والخطر أنه ليس أمرا مستقرا بل متحولا، فيمكن للمرء أن يكون مخلصا في الصباح ويصبح منافقا في المساء". اعترافات "الزعيم" توالت بالقول إن هناك فعلا اهتزازا لصورة الحزب في المجتمع المغربي، محذرا من "تحول العدالة والتنمية إلى حزب الريع بعد نهاية المؤتمر"، مضيفا: "أنتم لستم ضد الرواتب والسيارات لأنها أمور مشروعة، فقد سألت العثماني في هذا السياق يوما: هل لديك رغبة في الرحيل عن الحكومة، فأجابني بالنفي، وقلت له بأن جلالة الملك يريدك فأثبت حتى وإن سقط الحزب طرفا بطرف لأن الأهم لدينا أن يبقى البلد آمنا ومستقرا". وتوقف بنكيران عند واقعة إعفائه من طرف الملك محمد السادس من مهام رئاسة الحكومة وتشكيل أغلبيتها بعد "البلوكاج الحكومي"، ليقول: "الانتصارات الكبيرة لا تدوم وفي بعض الأحيان نؤدي ثمنها"، مضيفا: "رزقني الله الصبر بعد الإعفاء وتعاملت معه بكل أريحية، حيث كان بإمكاني أن أحزن وأنهار"، ليعترف بأن الواقعة كانت ضربة قاسية جدا للحزب، "قدرنا من بعد أن مصلحة البلاد والحزب لا تقتضي الرد بشراسة، فقررنا أن نمتص الضربة ونتفاعل إيجابيا مع بلاغ الديوان الملكي". وتابع بنكيران حديثه عن "الإعفاء الملكي" قائلا إن "فرض" حزب الاتحاد الاشتراكي بعد تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، "كان ضربة إضافية لنا، لأنه بسبب ذلك الحزب كان البلوكاج لمدة خمسة أشهر"، ليعقب على تعامل العثماني مع الموقف بالتأكيد "العثماني فعل ما ظهر له حسب مصلحته التي رجحها، فكلام العثماني يلزم الحزب وقررنا التفاعل معه ونتجاوز المرحلة رغم صعوبتها، ومند تلك الفترة نتحمل مسؤولية كل ما وقع". "ممكن أن نخسر في المحطات القادمة لأن الربح ليس أمرا دائما"، يقول بنكيران الذي كشف أن له فعلا "دورا في فوز الحزب في الاستحقاقات السابقة"، مضيفا: "أنا لست ضمانة، فيمكن أن أموت يوما أو يصيبني الخرف وليس لي دين قوي لأني إنسان عادي"، محذرا في الوقت ذاته مؤتمريه من "النفاق" و"مصادرة الحرية الداخلية"، قبل أن يقطع شك استمراره أمينا عاما للحزب باليقين: "لا تفسدوا العرس فموعدكم هو مع ما هو قادم، والقانون هو الذي صادق عليه المجلس الوطني؛ فلا تضيعوا الوقت"، في إشارة إلى مصادقة المجلس الوطني ضد تعديل القانون الأساسي حول منح بنكيران فرصة ولاية ثالثة للحزب.