هوية بريس – الجمعة 25 أبريل 2014 في زيارة قديمة لي مع بعض الإخوان لمدينة مراكش في سياق أنشطة التنسيقية الوطنية لدور القرآن في المغرب… لقيت لأول مرة الشيخ محمد المغراوي حفظه الله وسدد خطاه، فوجدته متربعا على الأرض لا تكاد تميزه عن غيره، اقتربت منه فوجدت الشيب قد ملك عليه شعره، وبدا فعل الزمن بإذن الله تعالى ظاهرا في وجهه، فسلمت عليه، فكان كما أخبرت عنه، رجلا متواضعا في ملبسه وطريقة كلامه، لا تكاد تحس منه تكلفا فيهما، استحضرت وأنا أبتعد عنه ما قدم الرجل من واجب نشر العلم وخدمة القرآن الكريم في مراكش ثم في كثير من مدن المغرب. لا يمكن لأحد يعرف للإنصاف معناه، وللعدل مغزاه أن يتردد في اعتقاد فضل هذا الرجل وما سعى إليه من إعداد لحفاظ القرآن الكريم وطلبة العلم في المغرب، ولقد شرفت بمعرفة ثلة من هؤلاء الإخوة الفضلاء وطاب لي لقاؤهم أكثر من مرة. وقد كان إخواننا من دور القرآن المراكشية على صلة بشيخنا محمد بوخبزة قديما، واستمرت… ثم بعد ذلك بشيخنا محفوظ حفظ الله الجميع. لم يكن الشيخ المغراوي منفردا بهذا الخير، بل شاركه فيه شيوخ فضلاء آخرون، فقد حدثنا شيخنا بوخبزة عن شيوخ آخرين ممن تشرفت بهم مراكش الحمراء، وكان الشيخ كثيرا ما يسأل الزوار المراكشيين لبيته عن الشيخ المحيرزي والشيخ إقبال وغيرهما . وكان ممن لقيتهم ايضا الشيخ دراري والشيخ زهرات الأكبر، والذي لا يسع الناظر له لأول مرة إلا أن يحبه، لهيبة فيه ووقار… ولست أنسى الأستاذ زهرات الأصغر.. صاحب الروح المرحة…تواضع وأدب ومحبة لإخوانه… ولقيت حينها ثلة من القائمين على دور القرآن في المغرب من شماله إلى جنوبه، فوجدت وجوها مبيضة بالعلم والأدب… على وجه شيبتهم الوقار.. وعلى محيا صغارهم نشاط وتوقذ للعمل. لست أزكي على الله أحدا… ففي بعض من ينتسب لهذه الدور من يشذ عن القاعدة، ويخرج عن مقتضى قواعد التربية والعلم ، وهو أمر معتاد في كل عمل، وليسوا عندي إلا استثناء يؤكد القاعدة. من أراد أن يعرف حقيقة قدر دور القرآن في المغرب.. سواء كانت تابعة لجمعية الدعوة إلى الكتاب والسنة أو غيرها، فلينظر إلى المضايقات التي تعرضت لها في السنوات الأخيرة، وإلى نتاجها الذي تزخر به مساجد المملكة… ولينظر إلى قرار إغلاقها… وقد آلمنا ذلك جميعا بدءا بشيوخ تطوان وطلبتها وانتهاء إلى أقصى المشرق الإسلامي. ومن فضل الله تعالى بهذه الدور أن أنتجت أمثال أخينا الشيخ القارئ المقرئ أبي حازم المحجوب بلفقيه الزمراني صاحب أحد أطيب الأصوات بالقرآن… وكان فضله به أن ظهرت مجالس القرآن في تطوان، وتعلم على يديه ثلة من إخواننا وأخواتنا التجويد والقراءة… ولست أنسى أخانا الحبيب الأستاذ حماد القباج.. لكنني لا أعرف كيف أوفيه حقه.. فبعض الكلمات لا تسعفني في ذلك.. ويكفيني أنه لا يحتاج مني إلى شهادة. وأما الأستاذ عادل رفوش فلقيته في تطوان في زيارة له لشيخنا محمد بوخبزة.. والتي أعجبت فيها بما دار بينه وبين شيخنا بوخبزة.. من شروع الأستاذ عادل في سرد ابيات لمنظومة من المنظومات الشنقيطية.. وإتمام الشيخ لها.. في ابتسامات زينت المجلس. مجالس القرآن في بلادنا تتكاثر، والمرجو السعي في تكثيرها أكثر، وكل خلاف بين الإخوان ينبغي أن يوضع جانبا، فالتحدي كبير، وكتاب الله الجامع، فلنشد جميعا قبضة حب وإخلاصا على حبل الله، وليكن ما بيننا التعاون على الخير مع النصح وقول الحق برفق وصدق… أحسب أن كل من له موقف من هذه الدور فإنه لا يخرج من ان يكون حاقدا… أو لا يعرف حقيقة ما تفعله في الصغار والكبار… أو أنه يطلق حيث ينبغي التقييد، ويعمم حيث ينبغي التخصيص… وعهدي بالقائمين على هذه الدور قبولهم للنقد، وتصحيحهم لما قد يساء فهمه عنهم، وبيان الحق فيما يروج عنها… فإن كان من انتقاد لجهة ما من جهة ما فليكن انتقاد تصحيح وتوجيه وبناء… فأعداء القرآن كثر.. والمتربصون لمجالس القرآن أكثر…! لا أدري… سبب توقف أصابعي عن الكتابة… ربما لأنها تفطنت إلى أنني بهذا سأتعبها هذا اليوم.. فما عندي في هذا لا تتحمل أصابعي.. مثله. والحمد لله رب العالمين.