قولة غاية في الاعتزاز والفخر بالمرجعية الإسلامية، قالها العالم الزعيم علال الفاسي في العدد الثاني من مجلة دعوة الحق، في مقال له تحت عنوان لا شيوعية ولا رأسمالية، في يوم كان الصراع والتنافس شديدا بين النظام الشيوعي السوفياتي، والنظام الرأسمالي الأمريكي الغربي، تلكم الكلمة هي قوله: "لقد حار المسلمون بين الشرق والغرب، بين الشيوعية والرأسمالية، بين دعاة هذه وأنصار تلك، حتى كادوا يفكرون أنه لا سبيل للخلاص إلا باختيار إحدى السبيلين، ونسوا أن لهم من تعاليم الإسلام وأبوابه، ما يفتح لهم وللإنسانية جمعاء آفاقا بعيدة تنجيهم من الحيرة ، وتأخذ بهم إلى الخلاص". واليوم وفي خضم هذه الحركية التي يحياها مغربنا الحبيب، وهذا التنافس الشديد، الذي يعشق فيه كثيرون لغة الكذب والدجل والاحتيال، وقبيل انطلاق حمى الانتخابات التشريعية يوم7 أكتوبر، حيث المغرب يخطو خطواته نحو نهضته المستقبلية وتقدمه، والتي نريدها أن تكون في ظل منظومة متكاملة أساسها القرآن الكريم والسنة النبوية بصدق وإخلاص، حتى يستعيد المغرب ماضي مجده وسابق إشعاعه في مختلف القطاعات، ويريدها الذين تتعالى أصواتهم أفرادا وجماعات، أحزابا ومؤسسات، جمعيات وهيئات، منادية بمرجعيات متنوعة نابية، بين يسارية وتقدية وليبيرالية ورأسمالية وحداثية واشتراكية وغير ذلك، جميعها تصب في اتجاه واحد، وتسعى لغاية واحدة، التقدم في غير منحى الدين، والازدهار بعيدا عن وحي السماء، والبناء والتحضر في فلك الغرب الأوروبي، وكأن تعاليم الإسلام ومبادئ الشريعة عنوان التخلف والرجعية، وبالتالي تراهم يسعون جهد مستطاعهم، لتفكيك وتحطيم وتجاوز تلك المنظومة القرآنية السنية التوحيدية، بمعنى إستئصال عنصر الدين وإقصاء حماة الدين من جانب، والسير خلف مخلفات ومقررات الهيئات الدولية والمنظمات العالمية. وأقل ما يمكن أن يقال عن تلك المرجعيات والنظريات والنظم أنها نبتة نبتت في غير أرضنا، وغرس لا يصلح زراعته في تربتنا، فهي نظم لا تتلائم مع مجتمعاتنا بتاتا ولن تسهم في تقدمنا بتاتا، فهي منذ فجر الاستقلال مطبقة ومفروضة على المغاربة تبعية للغرب الأوروبي، فلم يروا منها إلا النكد والتخلف ومزيدا من البعد عن الله تعالى. كما أنه ليس من الحكمة ولا من العقل أن يقترض المرء ثيابا ولباسه في بيته، ولا من المنطق أن يقترض مالا من غيره، وجيبه مملوء بالنقود، فالأحرى به أولا أن ينطلق مما لديه وأن ينظر في مكتسباته ومقوماته وأن يؤمن بخصائصه الذاتية، قبل أن يفكر في الأخذ والاقتباس من الآخرين، وإلا كان واقعا في اتهام عقله والتبعية لعقول غيره وهذا عين الحمق والخبل والتيه، لأن الذي ينطلق في تصوراته ومشاريعه وبرامجه الانتخابية أخذا واقتباسا من عقل غيره البعيد البعيد عنه، لمجرد الانبهار أو القوة، أو بسبب تركيبته الفكرية المخاصمة للدين، أو لتربية في أوساط أقرب إلى غيرنا منها إلى تراثنا، ليبدأ أولا بإحداث القطيعة مع هويته وتراثه وتاريخه، من خلال التشكيك فيما لديه والحط من قيمته واتهامه بالعجز والضعف والتجاوز وعدم الصلاحية، عوض الفخر والانتماء والاعتزاز به، مما يحدو به ثانيا إلى الوقوع في حالة من الاستيلاب النفسي والفكري والمعرفي للآخر. فإذا اقترب موعد الانتخابات رفع شعار العلمانية هي الحل، المجتمع الحداثي هدفنا، الحريات الفردية مطلب حقوقي لا محيد عنه، الحقوق الكونية ومقررات المنظمات الدولية خطنا….ولائحة البرامج الانتخابية في هذا المنحى تسير، لتنتهي إلى علمانية المجتمع, وحتى لا تكون علمانية يلزمنا الكثير الكثير على رأس ذلك في هذه اللحظة التاريخية حسن الاختيار يوم التصويت في الانتخابات.