هوية بريس – الأربعاء 25 ماي 2016 تمثل السينما أحد أهم الأدوات الإعلامية التي لها تأثير ملموس على القيم الاجتماعية والثقافة والأخلاق للمجتمعات كافة. يتداخل البعد الفني والبعد الأخلاقي في السينما ويتحجج الكثير من المخرجين العرب بالبعد الفني لتمرير أخلاقيات مرفوضة أو مشاهد خادشة أو غير لائقة. لا تختلف السينما المغاربية عن نظيرتها المشرقية في معارضة قيم المجتمعات العربية حيث نشأت مع الاستعمار الفرنسي وانطلق بها الاتجاه الفرنكفوني (هي أسوء في الجملة). عرف المغرب السينما مبكرا حيث صور مندوبو الأخوين لوميير بعض المشاهد الطبيعية في المغرب وقدموا 561 عرضاً سينمائيا خلال عام 1897! مع توقيع معاهدة الحماية الفرنسية للمغرب 1912 أكد الماريشال ليو: لا يمكن لأحد الشك في النتائج المثمرة التي نتوخاها من توظيف السينما كأداة للتربية! عملت الإدارة الفرنسية منذ 1944 على تحويل المغرب إلى هوليود لمنافسة السينما المصرية وصنع سينما شعبية من أجل التطبيع الثقافي مع فرنسا المستعمرة. خلال حرب التحرير لم تغفل جبهة التحرير الوطني الجزائري أهمية السينما فأنشأت أول خلية سينمائية! تسجل كل ما يدور في أرض المعركة عام 1956. تميزت سينما ما بعد الاستقلال في دول المغرب العربي (حتى الثمانينيات) بتعبيرها عن توجهات الأنظمة السياسية والأفكار التي تحملها بشكل بارز. في تونس تأثر الإنتاج السينمائي بشخصية "المجاهد الأكبر!!" الرئيس الحبيب بورقيبة من 1957 حتى 1987 حيث مثل الشخصية الملهمة والقائد القدوة!! ركز المخرجون المغاربة على القضايا الشعبية والعادات الاجتماعية في محاولة للوصول للطبقات الشعبية بمناقشة قضاياها طبعا بمنطقهم وضمن رؤيتهم هم. في تونس دخلت السينما مبكرا في المواضيع الاجتماعية المصادمة للقيم وكان الدعم المادي من وزارة الثقافة التونسية لأفلام العري والجنس والكبت! اجتمع في السينما المغاربية مصالح مادية وتقاطعات ثقافية أنتجت أفلاما منحطة وناقشت قضايا اجتماعية من منظور فرنكفوني وليس ديني ولا وطني. الغريب أن صالات السينما في دول المغرب العربي في تناقص شديد ففي تونس فقط 30 وفي الجزائر نحوها والمغرب 50 صالة في انحسار ملموس مع الزمن! رغم انحسار دور العرض إلا أن الإنتاج السينمائي في تزايد! يقول وزير الثقافة الجزائري ميهوبي: اليوم لدينا أفلام يفوق عددها قاعات العرض! مازال هناك اهتمام رسمي بالإنتاج السينمائي في دول المغرب العربي والحكومات تدعمه حيث هناك 35 مهرجان سنوي للأفلام المحلية والعالمية. هناك خلل كبير في السينما المغاربية في جانب الهوية والقيم والعلاقة مع الكيان الصهيوني ودولة الاستعمار الفرنسي. هذا ما سنتعرض اليه لاحقا بإذن الله.