تصدرت صورة لأستاذة مغربية نالت جائزة أفضل مدرس في العالم لسنة 2023؛ مواقع التواصل الاجتماعي إبان الاضرابات التي تخوضها الشغيلة التعليمية منذ أسابيع، احتجاجا على النظام الأساسي الذي جاءت به وزارة بنموسى. فبعد عودتها مباشرة من الهند، وجدت الأستاذة فاطمة الزهراء المهدون نفسها مضطرة للمشاركة في احتجاجات الفئة التي تنتمي إليها. ولعل مشاركتها أكبر دليل على أن مشكلة التعليم في المغرب أعمق من أن تكون مرتبطة بالمدرس المغربي، الذي تتهافت عليه المدارس العربية الخليجية؛ ويشكل نسبة مهمة من نسب الأساتذة الذين يعززون صفوف هيئة التعليم في دولة قطر، التي تميزت بالريادة العربية والدولية. وإن كان هذا القول لا يشمل جميع المنتسبين للقطاع؛ لكنه على الأقل يضحد أقوال المسؤولين الذين جعلوا من الأستاذ شماعة لإخفاقاتهم المتتالية. قد لا يختلف اثنان أن أهم القطاعات وأكثرها حساسية هو قطاع التعليم؛ والذي ملت جل المكونات الواعية بخطورة المساس به؛ وضرورة التعجيل بإصلاحه؛ في كل مناسبة. دون أن تجد آذانا صاغية ممن وجب أن يعمل على إيجاد حلول بنيوية تروم النهوض بالقطاع؛ بدل البحث على سياسات ترقيعية؛ معظمها يتسبب في تفاقم المشكل وتوسيع الهوة بين هيئة التعليم والمسؤول. إن الحديث عن إصلاح منظومة التعليم؛ لا يستقيم دون التأسيس لمشروع إصلاحي متكامل، ينطلق من الأستاذ محور العملية التعليمية؛ مرورا بالبنية التحتية، وصولا إلى تجديد المناهج التعليمية وفتح نقاش جدي في موضوع اللغات الأجنبية، تراتبيتها وصعوبات التنزيل. تنتظر وزارة بنموسى كما انتظر من كان قبلها؛ وغالبا من سيأتي بعدها إذا لم يتول المسؤولية من هو أهل لها، أن يتنازل الأساتذة عن حقهم المشروع في الاستقرار الوظيفي وتوفير أجر محترم؛ يليق بأستاذ في دولة مقبلة على تنظيم تظاهرات دولية؛ ودولة تعتبر محط أنظار مختلف القوى العالمية نظرا لموقعها الجغرافي وعراقة تاريخها؛ ناهيك عن الدبلوماسية الرياضية والسياسة الخارجية الحكيمة التي رفعت من شأن قطاعي الرياضة والخارجية. ومن المعيب مطالبة الأستاذ بالرضوخ لقرارات عبثية تعسفية؛ منتظرين منه أن يرفع من شأن القطاع ليجعله ينافس قطر والإمارات على الريادة العربية. أو نطالبه بأن يرقع ما خلفته السياسات السابقة من عرقلة للمسار الإصلاحي، دون أن نوفر له أبسط شروط العمل، من استقرار و جر لائق، ناهيك عن بنية تحتية تشرف المدرسة العمومية، مقلصة الفوارق بين القطاعين الخاص والعام. حينها فقط؛ سننطلق من أساس متين يجعلنا نمر للحديث عن ضرورة إصلاح المناهج التعليمية؛ وتأطيرها بمنظومة قيم صلبة، وما يتمحور حول ذلك من إشكالات تتقدمها القضية اللغوية. لقد عثرت وزارة التعليم حين جعلت من الشغيلة التعليمية معارضا لها؛ بدل أن تكون سندا وداعما لتنزيل مشاريعها؛ متجاهلة أن لا تنزيل لأي مخطط والأستاذ يجابه.