أحداث غريبة أصبحت تتحرك تحت الرمال المغربية، المواطن المغربي التعيس يرى فقط تلك الرمال تهتز تحت أقدامه، دون أن يعرف شكل المتحرك تحتها أو مصدره أو سبب تحركه!! هو يرى ويترقب فقط.. وينتظر ما ستسفر عنه الأيام القادمة من مفاجآت، يُمنِّي نفسه أنها قد تكون سارة؟؟ ربما! من يدري؟ ما تعرفه ساحة المؤسسات الدستورية المغربية أمر في منتهى الغرابة، خلافات.. وسجالات.. وبلاغات.. واتهامات متبادلة غير مألوفة، ولم يعرف المغرب مثيلا لها من قبل!! وكأن المغرب يعيش تمرينا ديمقراطيات فريدا وجديدا بين مؤسساته الدستورية.. دونما الأحزاب السياسية.. الأمر الذي يدفع إلى الاستغراب والتساؤل؛ ما الذي يقع؟ قبل شهور طفى على السطح سجال كلامي بين والي بنك المغرب والمندوب السامي للتخطيط من جهة، ورئيس الحكومة من جهة أخرى حول أزمة التضخم ورفع سعر الفائدة وارتفاع الأسعار.. التي وصلت إلى أرقام قياسية غير مسبوقة.. بعدها جاء ذلك السجال الكلامي بين رئيس مجلس النواب (التابع لرئيس الحكومة) ورئيسة المجلس الأعلى للحسابات (المعينة من طرف الملك) التي قدمت تقريرها أمام مجلس النواب،كشفت من خلاله عن مجموعة من الاختلالات والمفاسد داخل المؤسسات المنتخبة والأحزاب السياسية تهم صرف المال العمومي.. والآن طفح سجال في منتهى الخطورة بين المندوبية العامة للسجون من جهة؟ وجمعية رابطة قضاة المغرب ونادي قضاة المغرب (كجهاز قضائي) من جهة أخرى حول واقع السجون وما يعرفه من اكتظاظ وخطورة، وما صاحب ذلك من اتهامات متبادلة بين المؤسستين.. علما أن أصابع الاتهام وجهت من طرف المندوبية العامة للسجون إلى الجهاز القضائي بنوعيه الجالس والواقف الذي تحمله مسؤولية اكتظاظ السجون، وبطريقة غير مباشرة وجهت هذه الاتهامات إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية بصفته الجهة المسؤولة عن تنظيم وتدبير وتوجيه ومراقبة الجهاز القضائي.. سأتناول موضوع السجال الدائر بين هذه المؤسسات من زاويتين قد تبدوا للبعض غريبتين إلى حد ما.. وستكون مدخلا لمعرفة أسباب هذا «الصراع» من خلال وضع بعض التساؤلات والاستفهامات على أمل الخروج برؤية واضحة عن هذه الأزمة وأسبابها وخلفياتها ومُخلَّفاتها ومآلاتها.. فما الذي يميز هذا السجال أو «الصراع» عن باقي السجالات الأخرى التي تعرفها الساحة المغربية؟ أولا: طبيعة المؤسسات تساءل طبيعة الصراع: وهنا سأركز على ذكر المؤسسات دون ذكر مسؤوليها لإضفاء طابع الرسمية البعيدة عن الشخصنة والشخصانية، ومناقشة القضية في إطاره المؤسساتي وليس الشخصي.. فمن جهة مجلس النواب والمندوبية العامة للسجون فإنهما ينتميان إلى خلفية واحدة رغم اختلاف طبيعتهما الدستورية والوظيفية، إنها خلفية انتخابية، فالأول (مجلس النواب) جاء من انتخابات برلمانية مباشرة، والثانية (المندوبية العامة للسجون) تابعة إداريا وتنظيميا لرئاسة الحكومة، هذه الأخيرة التي تأتي عن طريق انتخابات برلمانية مباشرة هي الأخرى.. أما من جهة بنك المغرب والمجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ومجلس المنافسة، فإنها هي الأخرى تأتي من خلفية واحدة، وهي خلفية التعيين المباشر من طرف الملك.. ظهر في الآونة الأخيرة على سطح هذا السجال خلاف وتباين في وجهات النظر حول قضايا معينة، لكن تختفي تحته خلفيات ومرجعيات وانتماءات تهم هذا السجال، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل المشروع!! هل هو نقاش ديمقراطي حول قضايا احتملت اختلافات في وجهات النظر بين هذه المؤسسات؟ أم هو نقاش يخفي أزمة بين سلطتين، أو ثنائية متخاصمة فيما بينهما سياسيا وتنظيميا؛ سلطة الانتخاب في مواجهة سلطة التعيين؟ إن هذه الأزمة تعرف أوجها وتفصح عن وجهها الحقيقي، ويفتضح أمرها في المجالس الجماعية المنتخبة، حيث لا قيمة لشرعية المنتخب التي اكتسبها عن طريق المشروعية الانتخابية أمام سلطة القائد أو العامل أو الوالي الذي اكتسب هذه السلطة عن طريق التعيين.. فسلطة هذا الأخير وصلاحياته تجعل عمل المنتخب والمجالس الجماعية تحت رحمة ومزاج وحسابات رجل السلطة، وهو واقع يفرغ العملية الانتخابية برمتها من محتواها الديمقراطي، ومن مشروعيتها الانتخابية، وتجعل الاختيار الشعبي بلا قيمة ،ومبدأ ربط المسؤولية بمحاسبة المنتخب بلا معنى.. يبدو أن أزمة التقاطب بين سلطة التعيين وشرعية الانتخاب ارتقت إلى مؤسسات أعلى، وإني لآمل ذلك بصدق، لأن ذلك مناسبة لفتح نقاش سياسي ودستوري من أجل إعادة توزيع الصلاحيات والمسؤوليات الدستورية على أسس ديمقراطية صلبة، تعطي معنى حقيقي ودور فعال للعمليات الانتخابية، حينها يتحرر العمل السياسي من رقابة وسيطرة الدولة، ويتم تنزيل المشاريع السياسية والحكومية دون ممارسة التحكم والسلطوية عليها وعلى أحزابها الممثلة في الحكومة، كما يمكن وقتها تفعيل قواعد الحكامة ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.. على ما يبدو جعلنا هذا السجال المؤسساتي نعتقد -على الأقل- أننا بصدد ولوج مرحلة جديدة يطلق عليها: دولة المؤسسات.. فهل فعلا وحقيقة نحن بصدد ذلك؟ ثانيا: صفة الأشخاص تساءل حقيقة الصراع: بخلاف المنهجية السابقة، سأركز هنا على الأشخاص أبطال هذه الأزمة ورجال هذا السجال، للنظر في دورهم ومكانتهم فيما وقع، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والاستفهامات التي تحير المواطن المغربي، لعلنا نخرج ببعض الإجابات ترفع عنا الحيرة وتخرجنا من دائرة الذهول والاستغراب.. فإلى عهد قريب كنت أعتبر – شخصيا – أن عزيز أخنوش (الذي أُخرج من حزب الاتحاد الدستوري ليُكلف برئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار دون سابق انتماء إليه)، رئيس الحكومة، مجرد خادم صغير في دار المخزن، وعبارة عن دمية مطيعة تحركه الدولة بأجهزة التحكم عن بعد لتنفيذ تعليماتها بوفاء ممزوج بكثير من الغباء.. فهل ما تزال هذه الصورة التي رسمتها لهذا الشخص صحيحة وحقيقية في ظل الأحداث التي عرفها المغرب، خاصة إبان وبعد جائحة كورونا؟ لقد لاحظ المتتبعون المتخصصون بروز نجم عزيز أخنوش في حكومة سعد الدين العثماني، وأصبح مهيمنا على المشهد الإعلامي والسياسي، ومؤثرا بشكل فعال في القرار السياسي والاقتصادي، وظهر ذلك جليا في أزمة ارتفاع أثمنة المحروقات، وكيف انتصر للشركات المحتكرة لهذه المادة على حساب القرار الذي أصدره مجلس المنافسة، وانتهى بإعفاء رئيسه السيد إدريس الكراوي (المنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي). كما سجل الملاحظون والمتتبعون تضخم ثروة عزيز أخنوش بشكل غير طبيعي، ولا ينسجم مع طبيعة الأزمة الاقتصادية التي عرفها المغرب والعالم بسبب جائحة كورونا.. ففي الوقت الذي ازداد المغاربة تأزما وفقرا، ازداد أخنوش ثراء ورفاهية.. وقام باحتكار وبيع أهم مادة تنقذ حياة المصابين بفيروس كوفيد 19، الأوكسيجين، وقام ببيعه للمرضى بثمن تنعدم فيه الرحمة وتنمحي فيه الإنسانية.. وغلب على رئيس الحكومة/التاجر الطمع والجشع في أبشع صورهما، أمام أنظار وصمت دار المخزن.. وازداد نجم أخنوش سطوعا وتوهجا خلال الإعداد لانتخابات 8 شتنبر السخيفة، حيث صيغت القوانين الانتخابية على مقاسه، وتنظيمها وفق رغبته، ونتائجها بحسب إرادته.. فتم تجييش البرلمان، وتوجيه المحكمة الدستورية، واستعمال جنود الداخلية، واستنفار الإعلام المطبل.. كل هذا ليجلس على عرش الحكومة حاكما وتاجرا في الوقت نفسه .. ويصبح الشعب محكوما وزبونا في الآن نفسه.. مع ظهور الأحداث الأخيرة، حيث تجاهل السيد عزيز أخنوش (رئيس الحكومة) اتهام السيد أحمد لحليمي العلمي (المندوب السامي للتخطيط، الاقتصادي والمعين من طرف الملك، وأحد قادة الاتحاد الاشتراكي) له بفشل المخطط الأخضر وتحميله مسؤولية تردي أوضاع القطاع الفلاحي في عهده، وتجاسر السيد رشيد الطالبي العلمي (رئيس مجلس النواب، وأحد قادة التجمع الوطني للأحرار) على السيدة زينب العدوي (رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، القاضية في مجال الحسابات والمعينة من طرف الملك)، وأخيرا حمل السيد محمد صالح التامك (المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج التابعة تنظيميا وإداريًا إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش) القضاء مسؤولية اكتظاظ السجون، وهو اتهام موجه في العموم إلى السياسة الجنائية والسلطة القضائية بالمغرب .. مع كل هذه الأحداث والوقائع اضطررت إلى مراجعة نظرتي إلى السيد عزيز أخنوش، هل هو فعلا مجرد دمية طيعة في يد النظام والمخزن يتم تحريكه وفق مخططات وأهواء وأهداف الدولة؟ أم إنه شخصية أخطبوطية من الصنف الضخم الذي له قدرة على تغيير ألوانه والتهام كل ما وجده أمامه؟ هل وقع تحول في شخصية ونفوذ وتموقع عزيز أخنوش بين مرحلة ما قبل دستور 2011 والمرحلة الحالية؟ ثالثا: وهنا لابد من تسجيل بعض الملاحظات التي تحمل دلالات معبرة: – لقد شغل عزيز إخنوش منصب وزير الفلاحة منذ 2007 إلى غاية 2021، 14 سنة كاملة، وهي أطول مدة يتولى فيها وزير وزارة الفلاحة!! وإذا أتم ولايته سيتساوى مع وزير الداخلية السابق إدريس البصري كمسؤول وزاري في الحكومات المغربية المتعاقبة، حيث ظل البصري وزيرا لمدة 20 سنة كاملة.. – سبق له أن تلاعب مرتين بعبد الإله ابن كيران، في المرة الأولى عندما أمر هذا الأخير بصرف فاتورة المحروقات بقيمة 4 ملايير درهما خارج أجلها القانوني، علما أن الوزير محمد الوفا رفض ذلك عندما كان وزيرا منتدبا مكلفا بالشؤون العامة والحكامة، وانتهى الأمر بإعفاء مديرة صندوق المقاصة السيدة سليمة بناني المعروفة بنزاهتها وجديتها (الجدية بمفهوم الخطاب الملكي لسنة 2023) من طرف لحسن الداودي في عهد حكومة العثماني خلال شهر يناير 2018، والثانية عندما سرق منه التوقيع على صندوق الدعم القروي في قانون المالية لسنة 2016 بتواطئ بين فوزي لقجع مدير الميزانية آنذاك، ووزير المالية حينها السيد الحاج بوسعيد، والمصادقة عليه من طرف المجلس الوزاري بميزانية تقدر ب55 مليار درهم، وهذا الخبر الذي ساهم بتعجيل اعتقال توفيق وبعشرين واتهامه بجريمة الاتجار في البشر.. بعد أن تلقى تهديدا مباشرا من عزيز أخنوش الذي توعده بإعادة التربية.. – لعب عزيز أخنوش دورا كبيرا في عرقلة تشكيل حكومة عبد الإله ابن كيران، وتعطلت معه مصالح المغرب لمدة تتجاوز الستة أشهر، الأمر الذي اضطر معه الملك إلى إعفاء ابن كيران بشكل مهين ولا يليق بمقام الرجل الذي عبر ويعبر في كل المناسبات عن ولائه وإخلاصه للملك.. – في عهد حكومة سعد الدين العثماني ازداد نفوذ وقوة عزيز أخنوش بشكل رهيب، وأصبح رئيس الحكومة شخصا ثانويا أمامه وشخصية مهمشة بروتوكوليا، يمشي وراءه وليس في مقدمته.. ملأ اسمه المشهد الإعلامي الرسمي وغير الرسمي وحضوره يشغل حيزا مهما في نشرات الأخبار دون غيره من الوزراء. – شهران بعد تعيين العثماني رئيسا للحكومة (17 مارس 2017) تم اعتقال ناصر الزفزافي ورفاقه على خلفية أحداث الريف (29 ماي2017)، واعتقال حميد المهداوي (20 يوليوز 2017)، والانتقام من توفيق وبوعشرين (22 فبراير 2018)، واعتقال هاجر الريسوني (31 غشت 2019)، واعتقال سليمان الريسوني (22 ماي 2020)، واعتقال عمر الراضي (24 دجنبر 2020)، والعديد من حملات الاعتقال والمحاكمات التي عرفت تضخما كبيرا خلال فترة جائحة كورونا تحت ذريعة خرق الحظر المفروض آنذاك وعدم احترام القوانين الاستثنائية المقررة لتلك الفترة .. اعتقالات لم يشهد لها المغرب مثيلا منذ أحداث 16 ماي الإرهابية.. – تضخمت ثروة عزيز أخنوش بشكل رهيب ويتناقض مع طبيعة المرحلة العصيبة التي مر منها العالم عامة والمغرب ذو الاقتصاد الهش خاصة.. ولا سيما خلال الجائحة، وسُمح له باحتكار وبيع مادة الأوكسيجين للمغاربة المصابين بالجائحة.. – قبل إسقاط حزب العدالة والتنمية في انتخابات 8 شتنبر البئيسة بشهور قليلة، وخاصة بعد تولي عزيز أخنوش حكومة 2021، لاحظ المغاربة غيابا متكررا للملك محمد السادس عن المشهد الوطني والدولي، إلا في مناسبات تعد على رؤوس الأصابع، مقتصرا على الأعياد الدينية والوطنية، ولفت بقاء الملك خارج المغرب لمدد طويلة جدا انتباه الرأي العام الوطني والدولي.. إضافة إلى تعرضه لوعكات صحية متكررة ساهمت في هذا الغياب.. حيث تسبب ذلك في نقاشات وتقاطبات متوترة وحادة في الداخل والخارج.. فهل تسبب ذلك في فراغ سياسي ودستوري؟ وكيف كان يتصرف حينها عزيز أخنوش بصفتيه رئيسا للحكومة وأكبر رجل أعمال في المغرب؟ – استمرت حملة الاعتقالات السياسية في عهد حكومة عزيز أخنوش، باعتقال النقيب محمد زيان وغيره من النشطاء السياسيين والحقوقيين، وما تزال حملة الاعتقالات مرشحة للارتفاع والاستمرار.. – عرفت الشهور الأولى من رئاسة أخنوش للحكومة ارتفاع مهول لثمن المحروقات دون اتخاذ تدابير اقتصادية للتخفيف من حدة هذا الارتفاع على معيشة المغاربة، ورغم انخفاض ثمن المحروقات في السوق العالمية، رفض أخنوش تخفيضها في المغرب، كما اتسعت رقعة الفقر، وازداد عدد الفقراء، وانهارت القدرة الشرائية، وارتفع التضخم ليتجاوز 8% ووصل الآن إلى 10%، وتقهقر ترتيب المغرب في العديد من المجالات (حرية الصحافة، التنمية البشرية، الفساد، التعليم، الصحة، التضخم..)، كما حطم الرقم القياسي الوطني في ارتفاع عدد السجناء أكثر من مائة ألف سجين، والديون الخارجية 144 مليار دولار... باستثناء كرة القدم التي عرفت ازدهارا وتألقًا منقطع النظير!! رابعا: تساؤلات واستفهامات: طفرات غير طبيعية، وتحولات غير مألوفة في التاريخ المغربي الحديث (بعد الاستقلال) تميز بها المسار السياسي والاقتصادي لعزيز أخنوش، حظوة لم يحظ بها سلفه من الوزراء الأولين الذين جمعوا بين السلطة والتجارة، بين الحكم والمال مثل كريم العمراني في عهد الحسن الثاني وإدريس جطو في عهد محمد السادس!! وضعية غريبة فتحت المجال لطرح العديد من الأسئلة الحارقة.. – كيف استطاع عزيز أخنوش مضاعفة ثرواته في زمن اقتصادي ووضع اجتماعي يستحيل معه ذلك؟ – كيف تمكن أخنوش من تسخير أجهزة وزارة الداخلية (وزارة غير سياسية) لصالحه في انتخابات 8 شتنبر؟ – كيف استطاع أخنوش التأثير على العديد من المؤسسات، واستطاع تعطيل أو عرقلة أو تجاهل مجموعة من الإجراءات والقرارات والملاحظات التي لا تخدم مصالحه الاقتصادية، المجلس الأعلى للحسابات، مجلس المنافسة، بنك المغرب، المندوبية السامية للتخطيط.. – هل كان لغياب الملك خلال فترات زمنية طويلة دور في تضخم شخصية أخنوش في المغرب، وتعاظم دوره وتفاقم نفوذه في مفاصيل وأجهزة الدولة باستعمال سلطة المال والحكم؟ – هل أصبح تضخم عزيز أخنوش يشكل إزعاجا للقصر، الأمر الذي يفسر إصدار ملاحظات وقرارات تحمل مضمونا اتهاميا له من طرف مؤسسات دستورية تابعة بشكل مباشر للملك بمقتضى الدستور؟ – هل هذا التضخم له علاقة بما أصبح يصطلح عليه بالبنية السرية؟ – هل هناك أزمة صامتة وصراع خفي بين الملك ورئيس الحكومة، ظهرت تداعياته في صراع ملحوظ ومكشوف بين المؤسسات التابعة لكل من الملك من جهة، ولرئيس الحكومة من جهة ثانية؟ وهل هو صراع نفوذ؟ أو صراع مصالح؟ أم صراع سياسات وأولويات؟ – هل هناك تحول قادم في بنية دار المخزن، وفي هيكلة دوالب الدولة العميقة؟ من الصعب الخروج بأجوبة واضحة وشافية عن هذه الأسئلة، في انتظار ما ستسفر عليه الأيام المقبلة من مفاجآت.. إلا أن الثابت من كل هذا السرد، أن المغرب يعيش أغرب فترة سياسية في تاريخه، ويعرف ظهور شخصيات وكائنات سياسية واقتصادية جديدة، تعرف كيف توظف الأجهزة وتسخر الإعلام وتستنزف خيرات الوطن، وتمتص دم المواطن، وتمهش الأحزاب، وتحتقر العلماء والمثقفين، وترفع من شأن التافهين والمطبلين، شخصيات عبار عن ألة دمار شامل للمجتمع والقيم.. والقادم أسوء..