منذ أن قرر المغرب – تبرعا منه وتطوعا؟ – الاعتراف التام، وبدون قيد ولا شرط، بدولة الاحتلال والاغتصاب "إسرائيل"، وفتحَ أبوابه ومكنوناته العلنية والسرية أمامها..، منذ ذلك الوقت تتردد التساؤلات والتحليلات والتخمينات حول موقف "إسرائيل" من قضية الصحراء المغربية، وبالضبط: لماذا لا تعترف "إسرائيل" بمغربية الصحراء المسترجعة منذ1975، ولماذا لا تعتبرها جزء من المملكة المغربية ومن سيادتها الترابية، على الأقل كما فعل رئيسهم الأمريكي دونالد ترامب؟ المغرب منح "إسرائيل" اعترافا تاما غير مشروط، مضحيا بكل التزاماته القومية والإسلامية والإنسانية، متغاضيا بذلك عن كونها أقيمت، وما زالت، على الاغتصاب والسلب والنهب والقتل والتهجير. وحتى بمقتضى القرارات الظالمة للأمم المتحدة وما يسمى ب"المجتمع الدولي"، فإنها – ومنذ أكثر من نصف قرن – تحتل دولة فلسطين، وتحتل أجزاء من سوريا ولبنان. ويوم أمس فقط أعلن رئيس وزراء العدو – بنيامين نتنياهو – أنه يجب إبادة فكرة "دولة فلسطينية"، ويجب قطع الطريق أمام أي تطلع فلسطيني في هذا الاتجاه.. فعبر بالقول عما كان يمارسه بالفعل. المغرب، بكل أمجاده ومكانته التاريخية والواقعية، يعترف بدولة اغتصاب واحتلال، بكل نقائصها وعيوبها وبشاعتها، وبكل جرائمها وقذاراتها، ومع هشاشة وجودها وبقائها الموقت.. ثم هي حتى الآن ترفض الاعتراف بسيادته على جزء من صحرائه، لا لشيء سوى لمزيد من الابتزاز والإذلال واللعب على الحبال.. هذا الرفض الصهيوني للاعتراف بمغربية الصحراء معناه – عمليا – الاصطفافُ مع مشروع الانفصال، والدعمُ السياسي لجمهورية تندوف، المسماة ب"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية الشعبية". والعجيب الأعجب هو أن المغرب لحد الآن لم يأخذ العبرة من المثل المغربي القائل: (رضينا بالهمّ، والهمّ ما رْضَى بنا). ومعنى "الهَمّْ" في استعمال المغاربة هو: الشيء التافه الحقير المستقبَح..