توصلت بأكثر من ثلاثة أشرطة مرئية لبعض الدعاة والشيوخ يقررون فيها أن الاشتراك في شراء أضحية العيد من الغنم يجوز بثلاتة شروط: الأول منها: أن يكون المشتركون في شراء الكبش من ذوي قرابة واحدة، أي يجمعهم رحم؛ والثاني: أن يكون المشتركون يقطنون في منزل واحد؛ والثالث: أن تكون نفقة المشتركين مجتمعة، أي أن يكون المأكل والمشرب وعموم نفقة أهل البيت واحدة غير متفرقة. فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة، فإن هؤلاء الدعاة والشيوخ يفتون بجواز الاشتراك في شراء أضحية العيد من الغنم. قلت: وقع لهؤلاء الشيوخ والدعاة خطأ كبير من جهتين؛ من جهة أنهم قالوا بقول لم يسبقوا إليه بتلك الشروط آنفة الذكر ولا دليل عليه؛ لأن من قالوا بجواز الاشتراك في شراء الأضحية من نوع البقر والإبل -وهم الجمهور غير المالكية- لم يشترطوا تلك الشروط، أما المالكية فقد ذهبوا الى عدم الاشتراك في رقبة الأضحية مطلقا من أي نوع كانت. ومن جهة أخرى، أن تلك الشروط بالتفصيل السابق ذكرها فقهاء المالكية، لكنها في باب الإجزاء والإشراك في الثواب: أي أن المالكية اشترطوا لتجزئ أضحية واحدة عن أهل البيت ولو كثر عددهم، وكذلك ليصح إشراكهم في ثوابها أن تتوفر الشروط الثلاثة آنفة الذكر؛ اتحاد السكن والنفقة والقرابة، وكُتب المالكية حافلة بالتنصيص على ذلك، منها: ما جاء في مختصر خليل في باب حكم الأضحية: "سن لحر غير حاج بمنى ضحية … بلا شِرْكٍ إلا في الأجر -وإن أكثر من سبعة- إن سكن معه، وقرب له، وأنفق عليه وإن تبرعا" اه وقد اتفقت كلمة شراح مختصر خليل على تفسير قوله (إِنْ سَكَنَ معَهُ وَقَرُبَ لَهُ، وَأَنْفق عَلَيهِ وَإنْ تبَرُّعًا) يعني "أنه يشترط فيمن يجوز إدخاله في الأجر ثلاثة شروط: الأول: أن يكون ساكنًا مع المضحي في منزل واحد، والثاني: أن يكون من أقاربه…، والثالث: أن يكون ممن ينفق عليه وإن تبرعًا..(1)" . وقال الحطاب: "فأباح ذلك بثلاثة أسباب: القرابة والمساكنة، والإِنفاق عليه (2)". وبناء عليه، فإن الشروط التي ذكرها هؤلاء الشيوخ والدعاة هي شروط مالكية إن صح التعبير اشترطوها فيمن يصح إشراكهم في ثواب الأضحية وليس الاشتراك في رقبتها، ومعلوم أن المالكية لا يقولون بالاشتراك في رقبة الأضحية مطلقا سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم. وأصل الشروط الثلاثة التي نص عليها فقهاء المالكية هو ما تحمله عبارة "أهل بيت الرجل"، التي دل عليها حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه لما قال: "كَانَ الرَّجُلُ، فِي عَهْدِ النَّبِيّ ِصلى الله عليه وسلم، يُضَحِّى بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ (3)". لكن يبقى السؤال: من هم أهل بيت الرجل؟ فنزلت الشروط الثلاثة آنفة الذكر منزلة البيان لدى المالكية. قال القاضي عياض: "وضبطُ من يصحُّ أن يُدخله الرجل في الأضحية [أي يدخله في ثوابها] عندنا بثلاث صفات: أحدها: أن يكونوا من قرابته… والثاني: أن يكونوا في نفقته، وجبت عليه، أو تطوّع بها. والثالث: أن يكونوا في بيته، ومساكنته غير نائين عنه. فإن انخرم شيء من هذه الشروط لم يصح اشتراكهم في ضحيَّته(4)". هامش……………………………………………………………………. (1): تحبير المختصر على مختصر خليل (2/ 334). (2): مواهب الجليل من أدلة خليل (2/ 231). (3) رواه مالك في الموطأ وابن ماجه والترمذي وصححه. (4): المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (5/ 365).