لقد تبوأ النبي صلى الله عليه وسلم مكانة مرموقة، وحظيت شخصيته بالاحترام والتبجيل والتقدير، حتى من قبل بعض أعدائه، غير أن المرنيسي لا تفتأ تذكره عليه الصلاة والسلام بوقاحة وتسفل وبأبشع العبارات والنعوت، التي تضمر الحقد والكراهية والتنقيص، مثل: "النبي العاشق للنساء" الذي ينادي "بالمحال واللاعنف، وفي ذلك تقول: "إنها فجر المتعة وهي تتكلم (الذاكرة) لغة الحريات والتألقات، وتحدثنا عن نبي عاشق، بشر في قلب الصحراء بلغة لا تعرفها الأم –القبيلة، ولا الأب –السيف- تحدثنا عن نبي كان ينادي بالمحال: اللاعنف والمساواة". وتقول أيضا في (فصل النبي والنساء): "ربّ المسلمين هو الإله الواحد الأحد، الذي ينفتح بيته المقدس (الجامع) على غرفة النوم، إنه الإله الواحد الذي اختار نبيا لا يكتم اهتماماته كإنسان، وإنما العكس يبحث عن الجنسية، وشهوة الجنس". وهذه الشبهة المقيتة –شهوة الجنس- ليست من ابتكارات المرنيسي، وإن روجت لها وتبنتها، وإنما هي تلقفتها من أساتذتها المستشرقين، من أمثال: موير، ودرمنجهم، وواشنطون أرفنج، ولامنس. وطفقت تبثها وتنشرها. وفي هذا السياق لا يفوتني أن أقف على تعريف النبي عند المرنيسي، إذ تصورها للنبوة، هو الذي كان من وراء صدور مثل تلك العبارات السقيمة المتشبعة بالروح الاستشراقية الحاقدة في آن واحد. تقول المرنيسي معرفة النبي: "فالنبي بالتعريف، رجل يعطي الأمل لمريده بأن الحياة ستكون أفضل، وسيكون لها صفة أعلى، إذا قرر لنفسه، مع ذلك، أن يراهن على المثل الأعلى الجديد". وتقول –أيضا- : "إن النبي هو قبل كل شيء رجل يسيطر على فن الإيقاع، إيقاع التصميم الصعب بين رب بعيد كل البعد، غريب سماوي، وبين الناس الذين يتألمون، مساجين على الأرض حيث يعانون العنف والظلم…" ويلزم عن هذا التعريف، أن كل من سيطر على فن الإيقاع بين الإلهي والبشري فهو نبي. وبناء عليه تقرر بأن "فشل الرجال والنساء وكل الأنبياء الذين أشار إليهم التقليد الإسلامي بأنهم كذبة: ذلك لأنهم لم يتقنوا ذلك الإيقاع بين الإلهي والبشري، تلك الرغبة الحادة بالارتفاع نحو السماء، وشق الأفق الأرضي للذهاب نحو الله ليصبح إلهيا." . وعليه، فإن فشل مسيلمة الكذاب "بشكل محزن –كما تقول الكاتبة- لأنه خلط كالكثيرين من السياسيين في أيامنا بين النبوة والديماغوجية". وتصور الكاتبة هذا للنبوة مخالف تماما لما جاء به القرآن الكريم، الذي يقرر أن النبي إنسان نظيف، اصطفاه الله عز وجل لحمل رسالته وتبليغها للناس، والآيات في ذلك تترى، منها قوله عز وجل: "الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير." (الحج/73). وقوله سبحانه : "قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين" (الأعراف/144). وقوله تعالى: "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" (الإسراء/93). بهذا تكون المرنيسي قد خالفت ما هو مقرر ومجمع عليه عند المسلمين قاطبة، وما جاءت به الشرائع التوحيدية كافة، مخالفة صريحة لما هو قطعي وثابت، ومعلوم من الدين ضرورة.