الإيمان برُسُلِ الله وأنبيائه جميعا مِنْ مُسَلَّمات الدين وأركان العقيدة، فلا يصح إيمان العَبْد إلا به، والأدلة متواترة على تأكيد ذلك، وهو أحَد أركان الإيمان الستة التي جاءت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه حين سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره). والمسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء والرسل، لا يُفَرِّقون بين أحدٍ منهم، ويعتقدون بكفر مَنْ أنكر نبوة مَنْ أثبت الله نبوته، لأن الكفر برسول أو نبي واحد كفر بجميع الرُسل، قال الله تعالى: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}(البقرة:285)، قال الطبري: "والمؤمنون كلهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا يفرق الكل منهم بين أحد مِنْ رُسُله، فيؤمن ببعض ويكفر ببعض، ولكنهم يصدقون بجميعهم.. ويخالفون في فعلهم ذلك اليهود الذين أقروا بموسى وكذبوا عيسى، والنصارى الذين أقروا بموسى وعيسى وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وجحدوا نبوته، ومَنْ أشبههم مِنَ الأمم الذين كذبوا بعض رسل الله، وأقروا ببعضه". وأنبياء الله عز وجل ورسله لهم علينا حقوق وواجبات كثيرة، لِمَا رفعهم الله إليه مِنَ الدرجات العالية الجليلة، وما شرَّفهم به من المهمات النبيلة، وما اصطفاهم به مِنْ تبليغ وحْيه وشرعه، ومِنْ هذه الحقوق والواجبات: 1 - تصديقهم جميعًا فيما بُعِثُوا وأُرْسِلوا به، وأنهم مُرْسَلون مِنْ ربهم، مُبَلِّغُون عنِ الله ما أمرهم الله بتبليغه لِمَنْ أُرْسِلوا إليهم، وعدم التفريق بينهم في ذلك، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}(النساء:64) . وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} (النساء:151:150). فالأنبياء والرسل جميعا حَمَلَة رسالة واحدة، ودعاة دين واحد، ومُرْسِلهم واحد، يبشر المُتقدِّم منهم بالمتأخر، ويصدق المتأخر المتقدم. قال ابن تيمية: "والمسلمون آمنوا بالأنبياء كلهم، ولم يفرقوا بين أحد منهم، فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب، ومَنْ كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم". ومما ينبغي العلم به أنَّ جَمِيعَ الْكُتُب التي أنزلها الله عز وجل على أنبيائه ورسله قبل القرآن الكريم قَدْ حُرِّفَتْ، ومما يدل على تحريفها وتبديلها ما فيها الآن مِنْ تناقض، وما في بعضها مِنْ وصف لا يليق بالله سبحانه، ولا ببعض أنبيائه ورسله، وما حُذِف منها مِنْ دلالات وبشارات وصفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله للناس أجمعين، وكان خاتم الأنبياء والمرسلين، وشريعته ناسخة لجميع شرائع الأنبياء والرسل قبله، فلا دين إلا ما بعثه الله به، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(آل عمران:85). 2 محبة جميع الأنبياء والرسل، وعدم التفريق بينهم: محبة أنبياء الله تعالى ورسله والمؤمنين قُرَبة وعبادة يُثاب عليها ، وسبب في دخول الجنة معهم، فعن أنس رضي الله عنه: (أن رجلا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددْتَ لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب اللهَ ورسولَه صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت مع من أحببتَ. قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت. قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم) رواه البخاري. وقال الله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}(النساء:69). وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}(المائدة:56)، وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(التوبة:71). فتضمنت هذه الآية وصف المؤمنين بموالاة بعضهم لبعض، فدخل في ذلك رسل الله الذين هم أكمل المؤمنين إيمانًا، وعليه فإن موالاتهم ومحبتهم في قلوب المؤمنين هي أعظم من موالاة غيرهم مِنَ الخَلق، لعلو مكانتهم في الدين، ورفعة درجاتهم في الإيمان، واصطفاء الله لهم، ولذا حذر الله عز وجل من معاداة رسله وعطفها في الذِكْر على معاداة الله وملائكته وقرن بينهما في العقوبة والجزاء، فقال سبحانه: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}(البقرة:98). قال ابن كثير: "ومَنْ عادى رسولا فقد عادى جميع الرسل، كما أنَّ مَنْ آمن برسول فإنه يلزمه الإيمان بجميع الرسل، وكما أن مَنْ كفر برسول فإنه يلزمه الكفر بجميع الرسل". والواجب على المسلم أن يحب ويوقر أنبياء ورسل الله جميعا، ويقتدي بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففي ذلك الاقتداء بالأنبياء السابقين، فقد أمر الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم فقال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه}(الأنعام:90). قال ابن كثير: "{الَّذِينَ هَدَى اللّهُ} أي: هم أهل الهداية لا غيرهم، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه} أي: اقْتَدِ وَاتَّبِعْ. وإذا كان هذا أمرا للرسول صلى الله عليه وسلم، فأمته تبع له فيما يُشَرِّعُهُ لهم ويأمرهم به". 3 اعتقاد فضل جميع الأنبياء والرسل على غيرهم من الناس: الأنبياء والرسل أطهر البشر قلوباً، وأقواهم إيماناً، وأفضلهم عبادة، وأحسنهم أخلاقاً، وجميعهم أمناء صادقون، هُدَاة مُهْتَدُون، وَبِالْبَرَاهِينِ الظَّاهرة وَالْآيَات الْبَاهِرَةِ مِنْ رَبِّهِمْ مُؤَيَّدُون، وأنه لا يبْلغ منزلتهم أحد مِنَ الخَلْقِ مهما بلغ مِنَ الصلاح والتقوى، إذِ الرسالة اصطفاء من الله يختص الله بها من يشاء مِنْ خَلْقِه، ولا تُنال بالعمل والاجتهاد، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}(الحج:75). قال السعدي: "أي: يختار ويجتبي من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا يكونون أزكى ذلك النوع، وأجمعه لصفات المجد، وأحقه بالاصطفاء، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق، والذي اختارهم واصطفاهم ليس جاهلا بحقائق الأشياء، أو يعلم شيئا دون شيء، وإنما المصطفِي لهم، السميع البصير، الذي قد أحاط علمه وسمعه وبصره بجميع الأشياء، فاختياره إياهم عن علم منه، أنهم أهْل لذلك، وأن الوحي يصلح فيهم كما قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}(الأنعام:124)". وأهل السنة متفقون على أن الأنبياء والرسل هم أفضل البشر، ليس في ذلك شك ولا خلاف، قال ابن تيمية: "اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أولياء الله تعالى على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا بأنبياء، وقد رتب الله عباده السعداء المُنْعَم عليهم أربع مراتب، فقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}(النساء:69). وفي الحديث: (ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر)". وقال: "الأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين، وبعدهم الصديقون، والشهداء، والصالحون .. والذي عليه سلف الأمة كالصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الدين، وجماهير المسلمين أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، وليس بعد الأنبياء أفضل منهما". 4 اعتقاد تفاضل الأنبياء والرسل فيما بينهم: أهل السنة يعتقدون تفاضل رسل الله فيما بينهم، وأنهم ليسوا في درجة واحدة، بل فضَّل الله بعضهم على بعض، قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}(البقرة: 253) قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: هؤلاء رسلي فضلت بعضهم على بعض، فكلمتُ بعضهم كموسى صلى الله عليه وسلم، ورفعتُ بعضهم درجات على بعض بالكرامة ورفعة المنزلة". وأفضل الأنبياء والرسل هم أولو العزم منهم، وهم: محمد صلى الله عليه وسلم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، عليهم الصلاة والسلام، والوارد ذكرهم في قول الله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}(الأحقاف:35)، وجاء في آية أخرى التصريح بأسمائهم، قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}(الأحزاب:7)، وقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}(الشورى:13). وأفضل أولي العزم بلا خلاف نبينا محمد صلى الله عليه سلم، ثم إبراهيم على الراجح من أقوال أهل العلم، واختلف في ترتيب الثلاثة الباقين، فمِن أهل العلم من يتوقف عن التفضيل بينهم، ومنهم من قطع بأفضلية موسى بعد إبراهيم، وتوقف في التفضيل بين نوح وعيسى، عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام. قال ابن كثير: "فهو صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء، وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، قَطْعاً جَزْماً لا يحتمل النَّقِيض". وقال القاضي عياض: "تقرر مِنْ دليل القرآن وصحيح الأثر وإجماع الأمة كونه صلى الله عليه وسلم أكرم البشر وأفضل الأنبياء". وقال ابن كثير في تفسيره: "ولا خلاف أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضلهم، ثم بعده إبراهيم، ثم موسى على المشهور". وقال السيوطي: "ونعتقد أَن أفضل الْخلق على الإطلاق حبيب الله الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم، يليه إِبْرَاهِيم فِي التَّفْضِيل، فَهُوَ أفضل الْخلق بعده نقل بَعضهم الْإِجْمَاع على ذلك". وقال ابن عثيمين: "وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد الناس يوم القيامة) متفق عليه، وصلاتهم خلفه ليلة المعراج، وغير ذلك من الأدلة. ثم إبراهيم، لأنه أبو الأنبياء ومِلته أصْل المِلل، ثم موسى، لأنه أفضل أنبياء بني إسرائيل، وشريعته أصل شرائعهم، ثم نوح وعيسى لا يجزم بالمفاضلة بينهما، لأن لكل منهما مزية". 5 - الصلاة والسلام عليهم: أخبر الله عز وجل بإبقائه الثناء الحسن على رسله وأنبيائه، وتسليم الأمم عليهم من بعدهم، قال الله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ}(الصافات:181). قال ابن كثير: "أي: سلام الله عليهم في الدنيا والآخرة، لسلامة ما قالوه في ربهم، وصِحَتِه وحَقِّيَتِه". وقال الطبري: "عن قتادة {سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سلمتم عليّ فسلموا على المرسلين، فإنما أنا رسول من المرسلين"(حسنه الألباني)". وقد اختلف أهل العلم في الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم من الأنبياء والرسل، فذهب عامة أهل العلم إلى أنه يُصَلَّى على النبيين كما يصلى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم في "جلاء الأفهام: "وقد حكى غير واحد الإجماع على أن الصلاة على جميع النبيين مشروعة، منهم الشيخ محي الدين النووي رحمه الله وغيره، وقد حكي عن مالك رواية أنه لا يصلى على غير نبينا صلى الله عليه وسلم، ولكن قال أصحابه هي مؤولة بمعنى أنا لم نُتَعَبَّد بالصلاة على غيره من الأنبياء، كما تعبدنا الله بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم". وقد سُئِل الشيخ ابن عثيمين: هل يجوز الصلاة على الأنبياء الآخرين غير محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب بقوله: "نعم، تجوز الصلاة على الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام". جمَعَ الله لأنبيائه ورسله الفضل، فميزهم على خَلْقِهِ مِنْ قبل النبوة، ثم زادهم فضلًا عليهم بالنبوة، فلا يبلغ أحد منزلتهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وقد مدح الله عز وجل رسولنا صلى الله عليه وسلم وأمته لإيمانهم بالرسل كلهم، ولعدم تفريقهم بينهم، قال الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}(البقرة:285). ووعد الله الذين لم يفرقوا بين الرسل بالمثوبة والأجر العظيم، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولَٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}(النساء:152). كما ذمَّ الله أهلَ الكتاب لإيمانهم ببعض الرسل وكفرهم ببعض: {وإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ}(البقرة:91). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ (أبوهم واحد وأمهاتهم شتى)، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ) رواه البخاري. قال ابن حجر في "فتح الباري": "معنى الحديث أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع". وقال ابن تيمية: "والدنيا مُظلمة مَلعونة، إلاَّ ما طلعتْ عليه شمسُ الرسالة، وكذلك العبدُ ما لم تُشْرِقْ في قلبه شمسُ الرسالة".