نقابة الاتحاد المغربي للشغل تقرر خوض إضراب وطني يومي 5 و6 فبراير    وفاة الناشط الفيسبوكي سفيان البحري إثر عارض صحي مفاجئ    مندوبية التخطيط تسجل ارتفاعا في معدل البطالة السنة الفارطة    تراجع أسعار الذهب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مؤشر مازي يستهل التداولات بأداء إيجابي    أمطار الخير تنعش الموارد المائية.. سد محمد الخامس بالناظور يستقبل كميات مهمة من المياه    الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يحتفي برئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ويمنحه جائزة الثقافة الرياضية العربية التقديرية لعام 2024    أسامة صحراوي يتألق رفقة ناديه بالدوري الفرنسي    توقيف 3 أشخاص بمراكش بشبهة حيازة وترويج مواد صيدلانية مهربة    وفاة سفيان البحري صاحب صفحة تحمل اسم الملك محمد السادس    مندوبية التخطيط: نسبة البطالة تقفز إلى 13,3% ما بين 2023 و2024    طلبة الطب يشتكون"اختلالات بيداغوجية" ومنح وتعويضات عالقة بعد وقف الاحتجاجات    تفشي بوحمرون : خبراء يحذرون من زيادة الحالات ويدعون إلى تعزيز حملات التلقيح    "لحاق الصحراوية 2025".. مغربيتان تتصدران منافسات اليوم الأول    بعد توتر العلاقات بين البلدين.. تبون يدعوا إلى استئناف الحوار مع فرنسا "متى أراد ماكرون ذلك"    كيوسك الإثنين | التساقطات المطرية تنعش حقينة السدود    تبون يقيل وزير المالية دون تقديم مبررات    أوكسفام: 1% من الأغنياء يسيطرون على 63% من الثروات الجديدة منذ جائحة كوفيد-19    جولة في عقل ترامب... وهل له عقل لنتجول فيه؟    بعد "بيغاسوس".. إسرائيل استعملت برنامج "باراغون" للتجسس على صحفيين وناشطين على "واتساب"    تبون: حذرت ماكرون من أنه سيرتكب خطأ فادحا في قضية الصحراء.. ومازلنا في منطق رد الفعل مع المغرب    حروب الرسوم "الترامبية" تشعل أسعار النفط في الأسواق العالمية    ترامب يؤكد عزمه فرض رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية    الاتحاد الأوروبي يفرض قواعد جديدة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي    النقابات التعليمية تحذر الحكومة من التراجع عن التزاماتها    بوحمرون ‬يتسبب ‬في ‬حالة ‬استنفار..‮ ‬    كأس العالم لكرة اليد: المنتخب الدنماركي يحرز اللقب للمرة الرابعة على التوالي    محاربة المغرب لمد التطرف والإرهاب.. أي إشارات    طقس ممطر في توقعات اليوم الإثنين    النجمة بيونسيه تفوز للمرة الأولى بلقب ألبوم العام من جوائز غرامي    سيارة مفخخة تخلف قتلى بسوريا    الصين: عدد الرحلات اليومية بلغ أكثر من 300 مليون خلال اليوم الرابع من عطلة عيد الربيع    نشرة إنذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء    صدمة في غابة دونابو بطنجة: قطع الأشجار يثير غضب المواطنين    مداهمة مطعم ومجزرة بطنجة وحجز لحوم فاسدة    نبيلة منيب: مدونة الأسرة تحتاج إلى مراجعة جذرية تحقق العدالة والمساواة -فيديو-    أكادير تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة بتكريم مايسترو الرباب لحسن بلمودن    مهرجان قرطاج لفنون العرائس يعود بمشاركة 19 دولة وعروض مبتكرة    ارتفاع تحويلات مغاربة العالم    المغرب واليمن نحو تعزيز التعاون الثنائي    النصيري يمنح الفوز لفنربخشة أمام ريزا سبور    الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يمنح فوزي لقجع الجائزة التقديرية ل2024    مفتاح الوقاية من السرطان.. دراسة تؤكد أن الرياضة وحدها لا تكفي دون الحفاظ على وزن صحي!    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    خبير صحي يحذر: إجراءات مواجهة "بوحمرون" في المغرب "ضرورية ولكنها غير كافية"    بعد انضمامه للأهلي.. بنشرقي: اخترت نادي القرن لحصد الألقاب    تحولات "فن الحرب"    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقل «أفريكوم» للمغرب وأوراق الضغط المتقابلة؟
نشر في هوية بريس يوم 24 - 03 - 2023

ثمة مؤشرات تعزز فرضية أن زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن لم تكن مجرد زيارة عادية، وأن الطرفين، المغربي والأمريكي، تسودهما رغبة في تطوير الشراكة بينهما إلى مستويات جد متقدمة، لكن كل طرف يسعى إلى ممارسة قدر من الضغط على الآخر، لكي تكون الشراكة على قاعدة قرارات حاسمة تنهي مرحلة التردد والمكوث في المناطق الرمادية.
تصريحات وزيري الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والمغربي ناصر بوريطة، لا تدعان مجالا للشك بأن الزيارة جاءت في سياق إعطاء مضمون جديد للشراكة، يطلب من المغرب أن يقوم بدور أكبر في المنطقة، في شمال إفريقيا أو منطقة الساحل جنوب الصحراء أو منطقة الشرق الأوسط.
تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، تشيد بالشراكة التاريخية بين البلدين، وبالدور الريادي للمغرب في تثبيت الاستقرار الإقليمي، إلا أن التصريح بمواصلة الولايات المتحدة الأمريكية النظر للخطة المغربية للحكم الذاتي، باعتبارها جادة وذات مصداقية وواقعية، تعزز وجود مباحثات حول أشياء غير معلنة، يطلب من المغرب الانخراط في ديناميتها، بحيث تجعل الإدارة الأمريكية استمرارها في الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، ورقة الضغط في إدارة التفاوض مع الرباط.
تصريحات وزير الخارجية المغربي، في الندوة الصحافية مع نظيرته البوركينابية، خرجت عن الطابع التقليدي الذي اندرجت فيه تصريحاته في واشنطن، فقد تحدث عن ثلاثة أشياء مهمة، عن ضرورة تأقلم الشراكة الأمريكية المغربية مع السياقات المتطورة، وعن ضرورة توازن هذه الشراكة وتحقيقها وحمايتها لمصالح الطرفين، وأما الثالث، وعن شراكة «في مختلف جوانبها».
تبدو دائما التصريحات الدبلوماسية الرسمية خشبية، لا تظهر ما خلفها، لكن في حالة تصريحات الوزيرين، فالظاهر، أن واشنطن تناشد دورا مغربيا، وتريد الضغط على الرباط من أجل القيام به بالمنظور التقليدي الذي اعتادت أمريكا أن تنتهجه، بينما يطرح المغرب مقاربة مختلفة للاستجابة لهذا الدور، ويطلب من واشنطن أن تستوعب التغيرات السياقية التي حدثت، وأن استمرار واشنطن على موقفها من الصحراء، لم يعد كافيا للرباط للتجاوب مع المضمون الجديد للشراكة الذي تقترحه واشنطن.
نخرج من لغة الغموض الذي يكتنف التصريحات الدبلوماسية، ونحاول تدقيق النظر في مؤشرات برزت متزامنة مع زيارة وزير الخارجية المغربي لواشنطن، أولها إصدار الخارجية الأمريكية لتقريرها حول حقوق الإنسان، والذي جمع المتناقضات، بين إشادة بالجهود التي يبذلها المغرب في هذا المجال، وبين توجيه النقد للوضعية الحقوقية، دفعت المغرب، هذه المرة مراعاة للديناميات التي تترتب أن يصدر الرد عن التقرير عبر المندوب العام لإدارة السجون، محمد صلاح التامك، والذي حذر في مقال وقعه باسمه الشخصي من خطورة هذا التقرير، معتبرا أنه تقرير لا يبشر بالخير، وأنه يمثل تراجعا مفاجئا لواشنطن عن مواقفها الإيجابية اتجاه المملكة.
المؤشر الثاني، ويتمثل في تضارب التصريحات حول نقل مقر «أفريكوم» إلى المغرب.
السيناتور الأمريكي دان سوليفان صرح أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي أنه قد حان الوقت لاستضافة إفريقيا لمقر قيادة أفريكوم، معتبرا أن المغرب هو واحد من الحلفاء الموثوقين للولايات المتحدة الأمريكية.
الناطق الرسمي باسم القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا آل فليببس، صرح في أواخر يناير من السنة الجارية أن «أفريكوم» لا تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية بالمغرب، هذا في الوقت الذي كانت أول رحلة قام بها جنرال قوات المارينز الأمريكية مايكل الذي عين على رأس أفريكوم، لا نجلي بعد تعيينه على رأس أفريكوم، إلى المغرب في أكتوبر من السنة الماضية.
قد يبدو التعارض وهميا بين هذه التصريحات، فالناطق الرسمي لأفريكوم لم ينف نقل مقر القيادة للمغرب، وإنما نفى وجود نية لإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية بالمغرب، بينما تتجه دينامية السيناتور الأمريكي ودلالة قيام أول مسؤول الأفريكوم بعد تعيينه على رأسها بأول رحلاته للمغرب في اتجاه واحد.
أما المؤشر الثالث، وهو تواتر زيارات مسؤولين كبار إلى الرباط، يمثلون المؤسسة العسكرية والأمنية بالولايات المتحدة الأمريكية، كزيارة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي كريستوفر راي للرباط الشهر الماضي، وزيارة الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان للجيوش المشتركة للولايات المتحدة الأمريكية الشهر الجاري.
المؤشر الرابع، وهو استمرار المغرب في احتضان مناورات الأسد الإفريقي وذلك منذ سنة 2007، إذ تم الاتفاق بين الجيشين الأمريكي والمغربي على إجراء النسخة 19 منها في 22 من مايو القادم في عدة مناطق في المغرب تشمل طانطان ومنطقة المحبس.
عمليا، لا تسمح كل هذه المؤشرات سوى بفهم شيء واحد، يؤكده تصريح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وهو أن الشراكة المغربية الأمريكية، تتركز في هذه المرحلة على تحقيق تفاهمات استراتيجية على المستوى العسكري والأمني، وألا شيء قد تم حسمه إلى اللحظة بشأن أفريكوم، ما دام الطرفان معا، يلوحان بأوراق الضغط، مواصلة واشنطن تبني موقف الإدارة الأمريكية السابقة بشأن الصحراء، واشتراط المغرب ضرورة تأقلم الشراكة مع السياقات المتطورة.
الأمريكيون، يستعملون العصا والجزرة، من خلال تقرير الخارجية الأمريكي حول حقوق الإنسان (العصا) واستمرار الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء (الجزرة) ويعتبرون أن هذا هو أقصى ما يمكن تقديمه للمغرب في هذه المرحلة لقاء أن يقبل المغرب الانخراط في الدينامية الأمنية والعسكرية التي يرتبونها للمنطقة، والمغرب، يفاوض بتغير السياقات، وهشاشة الوضع الأمني في إفريقيا، وتراجع النفوذ الفرنسي بها، وأن أي دور منه يخدم المصالح الأمريكية، يشترط فيه، أن يحمي ويراعي مصالح المغرب.
المغرب يدرك أن خطة الانتشار الأمريكي في إفريقيا لن يكون لها أي أفق دون دور مغربي إقليمي، وأن الزمن عنصر حاسم في هذه المرحلة، وأن غياب الدور المغربي، لبعض الوقت، لا يعني فقط فشل خطة الانتشار الأمريكي في إفريقيا، بل قد يعني، تنامي الاستقطابات الروسية والصينية لدول إفريقيا، بما يجعل المصير الأمريكي شبيها بنظيره الفرنسي في المنطقة.
من المهم أن نلاحظ ألا وجود لأي موقف رسمي حول «أفريكوم» لا من جهة واشنطن، أو الرباط، أو القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا نفسها، وأن التصريح الوحيد الذي يحمل دلالة في هذا الاتجاه يعود لمجرد سيناتور أمريكي، يمارس دوره في إقناع المؤسسات العسكرية الأمريكية بأهمية نقل القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا إلى المغرب، لكن في الواقع، يصعب أن نقرأ تواتر زيارات المسؤولين العسكريين والأمنيين الأمريكيين للمغرب دون تصور دينامية كبيرة، يتم الترتيب لها، وأن الطرفين لا يزالان ينضجان شروطها، وأن إمكانية حسم الموضوع، يتوقف على من يقنع من، وأية أوراق أقوى في التفاوض، الأوراق الأمريكية، أم الأوراق المغربية.
زيارة وزير الخارجية المغربي، والندوة الصحافية التي أقامها مع نظيرته البوكينابية، تؤكد أن المفاوضات لا تزال جارية، وأن المغرب، يريد أن يستثمر فرصة «تغير السياقات» والركن الضيق الذي توجد فيه واشنطن، من أجل حسم قضية الصحراء بشكل نهائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.