دعا وسيط المملكة محمد بنعليلو، أمس الأربعاء بالعاصمة التركية أنقرة، إلى ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم للتهديدات التي تشكلها الرقمنة على الحقوق الارتفاقية، معتبرا أن الموضوع يشكل مصدر قلق متنام، في ظل تأثيرات الذكاء الاصطناعي على "البيئة الحقوقية". وطالب بنعليلو، في كلمة ألقاها خلال اللقاء الدولي المنظم حول "مستقبل حقوق الإنسان في القرن الواحد والعشرين" في عمل مؤسسات الوسطاء والأمبودسمان، بجعل التهديدات الرقمية في مجال الخدمات العمومية، ضمن الانشغالات الراهنة التي يتعين على الوسطاء الاشتغال عليها في تدخلاتهم. وذكر بلاغ لوسيط المملكة، اليوم الخميس، أن بنعليلو سجل أن منح الآلة، من خلال خوارزميات مبهمة، صلاحية "تحديد من يحصل على الخدمات العامة؟ ومن ومتى يستثنى منها؟"، يجب أن يعتبر مجالا حقوقيا مقلقا، لما له من آثار على متطلبات تحقيق المساواة الارتفاقية، ولما قد ينتجه من تمييز بين "المرتفق الرقمي" و"المرتفق غير الرقمي"، في ظل وجود فئات كثيرة من المرتفقين يشكل الموضوع بالنسبة لها قضية ملحة وآنية، لضمان تمتعهم الفعلي بمجموعة من الخدمات الارتفاقية. كما اعتبر بنعليلو، أنه بنفس مستوى احتياج الموضوع في عموميته إلى رد إنساني مشترك للدفاع عن حقوق الإنسان، يحتاج كذلك موضوع الخدمات الارتفاقية في ظل نظام إيكولوجي رقمي دامج للجميع، إلى التفاتة عميقة من مجتمع الوسطاء والأمبودسمان، لأن دور هؤلاء، وغيرهم من الهيئات المختصة، في ضبط العلاقة المفترضة بين الحقوق الارتفاقية واستخدامات التكنولوجيا الرقمية، يجب أن يتجاوز منطق الانبهار بالنتائج إلى قياس آثارها الحقوقية، وإلى ضمان حق الوصول إلى سبل الانتصاف عند التعرض لممارسات تمييزية، أو عند احتمال إساءة استخدام البيانات الشخصية للمرتفقين، لأن الاستفادة من الثورة الرقمية في الخدمات الارتفاقية، يجب أن تمر لزاما عبر جسر معايير حقوق الإنسان. وأكد وسيط المملكة أن دور الأمبودسمان في سد الفجوة الهائلة على مستوى كيفية جمع البيانات وتخزينها ومشاركتها واستخدامها من أكثر القضايا إلحاحا، نظرا للقصور الذي يعتري التنسيق والتعاون في المواضيع ذات الصلة، بما فيها انتهاك المعطيات الشخصية، والحق في الخصوصية والانفلات، التي قد تحصل في إدارة المحتوى، وهو ما اعتبره تهديدات متعددة ومعقدة عابرة للثقافات والحدود والأجيال. من جهة أخرى، قدم بنعليلو نظرة بشأن الحوار الذي أطلقته مؤسسة وسيط المملكة، بشراكة مع اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، حول "الآثار والصعوبات والرهانات المترتبة عن استعمال المنصات التجارية العالمية في توفير الخدمات الإدارية"، وذلك من أجل "تحول رقمي آمن". وهو الحوار الذي أريد له أن يسلط الضوء على مواطن الظل في التطبيقات العملية، ويبلور تصورا واضحا حول الوضع المقبول والممكن للمنصات التجارية في هندسة خدمات ارتفاقية ضامنة لحماية حقوق المواطن في ظل ما يمكن تسميته بالسيادة الرقمية.