اتهام المتدينين بالتطرف والإرهاب سياسة انتهجها المستعمر لمحاربة الإسلام ودعاته دون الاصطدام بالمشاعر الدينية للمغاربة.. وأول نموذج وقفت عليه في "تاريخنا المعاصر": ضغط "الحماية الفرنسية" على "السلطان محمد الخامس" لإبعاد "شيخ الإسلام محمد بلعربي العلوي".. وعللت فرنسا هذا المطلب بكون بلعربي يحمل فكرا إرهابيا. والسبب في ذلك أن الفقيه بلعربي كان في طليعة "الوطنيين الصادقين" الذين ينصحون السلطان بأمانة وإخلاص، ويدعمونه في السعي لتحرير المغرب وبناء أسس نهضته.. كما كان يدعو إلى "الإسلام" ويرسخ "الوطنية الصادقة" في صفوف الشعب؛ من خلال دروسه في مساجد فاس والرباط والبيضاء ومراكش.. وفي المدن والقرى التي نفي إليها (تم نفيه 5 مرات!!). وفي "الدروس السلطانية" كان يبرز عظمة الإسلام، ويحذر من مخططات المحتل ويفضح فساده وعملاءه.. وقد حاول الاحتلال شراء ذمته فرفض، وضغطوا عليه ليوقع على "بيعة ابن عرفة" فرفض وقال: "لا أوقع ولو قطعتم أصابعي".. وهو من أهم من أججوا الشعب على الثورة والفداء لما نفي محمد الخامس.. لذلك اعتبرته فرنسا إرهابيا، وضغطت لاستبعاده من السياسة ومنصب "وزير العدل" و"وزير التاج"، وعملت بعد موته على محوه من "الذاكرة الوطنية".. نعم.. تخلصنا من الاحتلال الفرنسي العسكري؛ لكن أذنابه وخدامه لا زالوا معششين في العمل السياسي والإعلام والصحافة ومختلف المجالات..؛ ينهبون خيرات الوطن، ويتربصون المكر بالمتدينين والوطنيين الصادقين؛ السائرين على خطى الفقيه بلعربي رحمه الله تعالى.. إنهم أشخاص من أبناء جلدتنا يقتاتون على فُتات مائدة تلك السياسة الاستعمارية؛ التي يطبقونها لمقاومة الإصلاح السياسي، ومحاربة مظاهر التدين في المجتمع؛ ويغلّفون حربهم على الإسلام بمصطلحات جميلة؛ مثل: "الإسلام المغربي المعتدل" / "التسامح والتعايش" / "الانفتاح وقبول الآخر".. ونحو ذلك من الكلام الحق الذي أريد به باطل.. وهناك سياسيون وإعلاميون وصحفيون محبون لوطنهم؛ لكن يقعون في أفخاخ الخونة، ويحققون أهدافهم وهم لا يشعرون..