ما زال مونديال قطر يجلي القيم الإسلامية التي أظهرها ويظهرها اللاعبون المغاربة والمشجعون على حد السواء مع أنهم شباب من عموم المسلمين وليسوا من خاصة أهل الاستقامة أو الدعوة أو الانتساب للعلم الشرعي. وبالمقابل يتجلى الحقد الغربي والعنصرية والحقد الأعمى على المسلمين، لينكشف زيف شعارات الحرية والمساواة وحقوق الإنسان … وفي هذا الصدد نقف مع ثلاثة نماذج: 1- هجمة شرسة تعرض لها اللاعبون المغاربة بوخلال وصابري وشاعر بسبب صورة لهم التقطت في فضاء تغيير الملابس وهم يرفعون العلم الوطني المغربي. الذي أثار الإعلام الغربي وخاصة قناة (welt) الألمانية هو إشارة اللاعبين المذكورين وغيرهم بالسبابة التي تشير عند المسلمين لكلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، لتتهمهم بالتطرف لأن هذه الإشارة خاصة بمتطرفي (داعش)… وكلمة لا إله إلا الله هي شعار التوحيد الخالد والإسلام الذي ارتضاه الله للبشرية دينا قيما ملة إبراهيم، وكلمة التوحيد ليست خاصة بالمسلمين من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم وإنما هي شعار موسى إلى قومه وشعار عيسى إلى قومه وسائر الأنبياء انبنت رسالاتهم وشرائعهم على هذه العقيدة قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ). وقال صلى الله عليه وسلم: "وخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" رواه الترمذي. إن الغرب يعلم أن التوحيد هو شعار الإسلام، وأن الإشارة بالسبابة رمز لذلك ولكنه الحقد الصليبي الأعمى والبغض للمسلمين يلبسونه لبوس محاربة التطرف… وإنهم ليعون أكثر من أبنائنا أن كلمة التوحيد تهدم سائر الديانات الباطلة بالتحريف البشري الظالم، والنسخ الإلهي العادل (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ). ولهذا وصف الله نبيه بقوله:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ). ولكنه الخُوَّاف الإسلامي أو الإسلاموفوبيا في أظهر صورها. 2- مما يغيظ الأمم الأخرى هو اجتماع المسلمين ووحدة صفهم رغم اختلاف اجناسهم وألوانهم ولغاتهم وجنسياتهم فهم لا يستسيغون التفاف أمة المليارين من الشعوب المسلمة خلف المنتخب المغربي مع أنه في مجرد لعبة، وفي الوقت نفسه يلتفون خلف قضية المسجد الأقصى وإخواننا الفلسطينيين، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية التي ترمز لعدالة قضية المسجد الأقصى ومناصرتها، في كل مباريات المنتخب المغربي لا من قِبل المشجعين فحسب ولكن من قبل اللاعبين أيضا. وهذا الذي دفع صحيفة (TAZ) الألمانية لاتهام اللاعبين بمعاداة السامية. وليست هي فقط طالب الفرنسي جورج مارك بنآمو الدولة المغربية وقيادتها بالاعتذار لدولة الص_هاينة. بسبب رفع العلم الفلسطيني. وكأنهم لا يعلمون أن مناصرة الشعب الفلسطيني والدفاع عن الأقصى قضية وطنية مقدمة وثابت مغربي، يساوي قضية الوحدة الترابية ومغربية الصحراء، عند كل المغاربة من الملك إلى أصغر مغربي. وشعار المسلمين ان الاعتداء على أحدهم كالاعتداء عليهم جميعا يصور ذلك نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام بقوله: "مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى" رواه البخاري. 3- ما أظهره الفرنسيون وإعلامهم من عبارات الاحتقار والازدراء والتعالي والكبر تجاه المغرب ومنتخبه الكروي. فهم لا يستسيغون أن تقوم دولة من دول الجنوب الضعيف المتخلف بمنافسة الدولة العظمى فرنسا ولو في اللعب فضلا عن الانتصار عليها. وهذا ما جعل رئيسهم يتحمل عناء السفر لحضور المباراة دعما لفريقه وتخفيفا للضغط الذي تقيمه الجماهير المغربية والعربية والإسلامية على الفرق المنافسة للمنتخب المغربي. وهي رسالة نوجهها لأبناء فرنسا من التيار العلماني المغربي الذي يدين بالحب والولاء والنصرة والدفاع عن (ماما فرنسا) وعن اختياراتها ولغتها ومناهجها وإيديولوجيتها… مع أن رضاها لا ينال إلا بالمروق من الإسلام واتباع سبيلها والكفر بكل ما يمت للإسلام بصلة. وصدق الله العظيم القائل: ( وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ). والمحذر لنا من اتباعهم وسلوك سبيلهم في قوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتُ 0للَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُۥ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِ0للَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ). وختاما أذكر أنني لست متحمسا لدرجة تجعلني انتظر الكثير من لعبة الساحرة المستديرة، فنصرها معنوي أشبه بالسراب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. ولست مغرقا في العاطفة لدرجة التغاضي عن المفاسد والمخالفات والعواقب والتبعات التي لا تنفك عن هذه اللعبة في شكلها الرسمي. والله الموفق والهادي.