فجر مسئول أمريكي بارز بإدارة الرئيس السابق "جورج بوش"، مفاجأة كبرى كاشفا عن تنسيق كبار المسئولين الأمريكيين مع إيران قبل غزو العراق، مشيرا إلى إجراء محادثات سرية مع طهران بشأن مستقبل العراق. وأوضح السفير الأمريكي الأسبق لدى العراق زلماي خليل زاده أن تلك المحادثات السرية -التي لم يُكشف النقاب عنها من قبل، استمرت وعُقدت في جنيف مع محمد جواد ظريف مندوب إيران لدى الأممالمتحدة آنذاك، وزير خارجيتها حاليا- حتى بعد استيلاء القوات الأميركية على بغداد في أبريل 2003. ولفت زاده، في كتاب بعنوان "المبعوث" ستنشره له الشهر الجاري دار سانت مارتنز برس، بقوله "كنا نريد التزاما من إيران بأنها لن تطلق نيران مدافعها صوب الطائرات الأميركية التي تحلق من غير قصد فوق الأراضي الإيرانية". وأشار زاده إلى أن "ظريف وافق على ذلك. وكنا نأمل من إيران أن تحث الشيعة العراقيين على المشاركة بطريقة بناءة في إقامة حكومة جديدة في العراق"، مشيرا إلى أن بعض زعماء الشيعة العراقيين البارزين ممن كانوا يناصبون صدام العداء، ظلوا يحظون بدعم إيران التي تُعد القوة الشيعية الكبرى في المنطقة. وقال زاده غير أن ثمة خلافات كبيرة برزت بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين حول كيفية تشكيل حكومة جديدة في العراق والتصدي لدعم طهران للإرهاب، بحسب صحيفة نيويورك تايمز التي تناولت ما ورد في كتاب خليل زاده. وانتقد خليل زاده فشل إدارته في الحفاظ على قناة اتصال مفتوحة مع إيران، قائلا "يقيني أننا لو مزجنا الجهد الدبلوماسي بإجراءات قوية وفعالة لتمكنا من التأثير على سلوك إيران". يشار إلى أن كتاب "المبعوث" يُنشر في وقت تحتدم فيه النقاشات داخل الولاياتالمتحدة حول سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما تجاه طهران، بما في ذلك ما يتعلق ببنود الاتفاق النووي الذي أبرمته واشنطن والدول الخمس الكبرى في العالم مع إيران. ويعد الكتاب -الذي ألفه خليل زاده، الدبلوماسي الأميركي المجنَّس المولود في أفغانستان والحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو مقدمة لنظرة فاحصة للحوار الذي دار إبان فترة حكم بوش بشأن السياسة تجاه إيران. وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن كتاب خليل زاده، أن محمد جواد ظريف كانت له آراؤه الخاصة فيما يتعلق بالكيفية التي يجب أن يُحكم بها العراق ما بعد الحرب، إذ كان يُحبذ تسليم السلطة على جناح السرعة للسياسيين العراقيين الذين يعيشون في المنفى، بذريعة أنه ينبغي إعادة بناء المؤسسات الأمنية العراقية من الصفر. كما طالب بتطهير عناصر حزب البعث الموالين لصدام حسين والمعارضين لأميركا. وأكدت الصحيفة أن ذلك الرأي "الذي بدا مصاغا لتضخيم النفوذ الإيراني داخل العراق، اختلف اختلافا جذريا عن خطة خليل زاده لتشكيل حكومة عراقية انتقالية تضم عراقيين ظلوا مقيمين داخل البلد أثناء حكم صدام حسين، ولا تقتصر على قادة في المنفى". كما أن فكرة تطهير البلاد من أعضاء حزب البعث لم تكن تروق للسفير الأميركي الأسبق.