قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، إنه يفضل "الحقيقة والإقرار على الاعتزاز"، في المسائل المرتبطة بماضي استعمار بلاده للجزائر. جاء ذلك في تصريحات للصحفيين خلال زيارة ماكرون مقبرة "سانت أوجين" بمدينة بولوغين شمالي الجزائر، في ثاني أيام زيارته إلى البلاد، التي تستمر 3 أيام. وأفاد في رده على سؤال حول ما إذا تصالح مع الرئيس الجزائري، عقب تصريحاته السابقة التي أنكر فيها وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830-1962)، بأن "الأمر أشبه بقصة حب فيها جزء من المأساة". وأضاف: "أحيانا يكون هناك شجار ليكون هناك تصالح، علينا النظر وجها لوجه فيما يتعلق بمسائل الذاكرة". وتابع: "(فيما يتعلق بالذاكرة) دائما يفرض علينا الخيار، إما الاعتزاز أو التوبة، أنا أريد الحقيقة والإقرار، وإلا لن نتقدم أبدا". وزاد: "أنا لست طفلا ولست ابنا من أبناء هذه الحرب، ولكن لا فرنسا ولا الجزائر يستطيعان التقدم بهذه الطريقة، لأن تاريخانا مرتبطان". وفي وقت تطالب منظمات وفئات واسعة من الجزائريين، فرنسا بالاعتذار الرسمي عن حقبة استعمارها، يركز الموقف الرسمي الجزائري على طلب "الاعتراف" بالجرائم البشعة المرتكبة ضد الجزائريين. كما اعتبر الرئيس الفرنسي أن الاتفاق مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون على تشكيل لجنة مشتركة من مؤرخي البلدين للبحث في ملف الذاكرة "أمر تاريخي". واستدرك: "قلنا بأننا سنطلب لجنة مشتركة من 6 أو 5 مؤرخين من البلدين وسنفتح كل الأرشيفات بما فيها المعلقة من عام 1830 وحتى نهاية الحرب". وأوضح أن "هذه الأرشيفات ترصد كل عنف والصرامة التي عرفتها الأمة الجزائرية وأيضا فيما يتعلق بالمفقودين". وزاد: "يقوم الاتفاق على ترك الأمر للمؤرخين للعمل على مدار سنة كاملة، لننظر في نتائج هذه الأعمال وبعدها ستكون قرارات". ويعتبر تشكيل لجنة مشتركة أقوى نقطة اتفاق في زيارة ماكرون إلى الجزائر، حيث يطالب الطرف الجزائري باسترجاع الأرشيف الوطني كاملا بما فيه المتعلق بفترة التواجد العثماني، وبحث ملف الذاكرة منذ بداية الاستعمار الفرنسي، وألا يقتصر الأمر على فترة حرب التحرير (1954-1962). ويبدو أن الطرف الفرنسي وافق على مطلب التعامل مع ملف الذاكرة منذ أول يوم للاستعمار، لكنه اكتفى بفتح جميع أقسام الأرشيف دون إرجاعها للجزائريين. ويرافق ماكرون في زيارته الثانية إلى الجزائر خلال 5 سنوات وفد مكون من 90 شخصية، بينهم وزراء ورجال أعمال ومثقفون مختصون في تاريخ البلدين. ويقول محيط الرئيس الفرنسي إنها زيارة موجهة للشباب، وتهدف لتجاوز التوتر الذي ساد بين البلدين منذ قرابة السنة على خلفية قضايا خلافية بين البلدين، كملف الذاكرة المرتبط بفترة الاستعمار الفرنسي للجزائر وغيرها، وفقا للأناضول.