هوية بريس – الجمعة 29 نونبر 2013م أكاد أجزم بأن ما يقع في العالم من أحداث سببه الإعلام بشكل مباشر أو غير مباشر. لقد قيل عن الصحافة مهنة المتاعب، وهذا صحيح؛ فأول ما يستهدف بالقتل في الأماكن الساخنة هم مراسلي القنوات الفضائية وكذا الصحافة المكتوبة. والسبب واضح هو خوف المجرمين من افتضاح أسرارهم، سواء في ميدان السياسة أو الاقتصاد "السوق الكحلة". ففي ميدان السياسة وبالضبط سنة 1972 تفجر الصحافة الأمريكية قضية من العيار الثقيل والمعروفة ب"ووت رغيت" وكان بطلها الرئيس الأمريكي من الحزب الجمهوري "ريتشارد نيكسون"، حيث كان هذا الأخير يتجسس على أعضاء الحزب الديمقراطي، ولقد لعبت الصحافة دورا بارزا في إذكاء نار المعركة التي انتهت باستقالة الرئيس الأمريكي "رتشارد نيكسون". والحقيقة أن الصحافة الجادة في البلدان الديمقراطية تعد "جبادت لبلى أو نتاتر" طبعا على أصحاب "التخلويض"، وهذا في ما يخص الشأن الأمريكي. أما نحن المغاربة فصحافتنا على "قد الحال"، ومع ذلك تشكل إحراجا "للمخلوضين"، ولكم نموذج من الدار، لقد قام شباب من معهد الصحافة بإنجاز بحث صحفي لنيل دبلوم التخرج وكان الهدف هو منجم الغسول الذي يقع بين مدينة ميسورو ميدلت. ولقد نصحهم بعض العارفين ببواطن الأمور بالابتعاد عن الكنز "المرصود"، لأن عفاريته "كتطلع بلاجاوي"، والنتائج غير مضمونة، وقليلا "ما كتخرج الجرة بسلام"، وأكد لهم أن العديد من المنابر محلية ودولية؛ حاولوا ولم يفلحوا في اقتحام هذه القلعة المحصنة، ونصحهم بإنجاز تقرير عادي مثلا: "الباعة المتجولين، الكلاب الضالة وخطرها على ساكنة المدن، أو دور التبوريضة في اقتصاد الريف..". المهم الشباب لم يقنعوا بالقليل، وأرادوا كسر هذا الطوق المضروب على منجم الغسول، وبالفعل استطاعوا نيل مبتغاهم وتسللوا خفية داخل المنجم وتمت المهمة بنجاح رغم احتجازهم من طرف الحراس. ليكتشف المغاربة بعد سنين من استغلال "العطار لكبير" ل27 ألف هكتار من الغسول دون رقيب ولا حسيب رغم أن المغاربة قالوا: "لحساب صابون، أو غسول". إن حجم هذه المحمية يوازي حجم كوكب صغير لكنه يدور في فلك حسابات "لعطاطرية لكبار" دون أن تستفيد منه الدولة، أكيد أن مادة الغسول مفيدة للبشرة بصفة عامة وخاصة الوجه هذا إن "بقي عندهم شي أوجه"، لأن ظروف الاشتغال والتسويق كانت تمر في جو تنعدم فيه الشفافية والتنافسية بشكل سليم يحكمه فقط "قانون أباك صاحبي". والآن أصبح "العطار لكبير" في ورطة بعد أن أطلقت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك إعلانا عن دعوة للتعبير عن الاهتمام لمنح الامتياز من أجل بحث واستخراج ومعالجة وتثمين مادة الغسول والمتاجرة فيها، وهنا تكمن المشكلة فأصحاب هذا الامتياز لن يقبلوا الشريك، لأن "الشريك" حرام هذا هو التوحيد الحق.. أو "كبير الكرش تفركع ليه". لقد هبت رياح الربيع الديمقراطي لتعري اقتصاد الريع بعد سنوات الغفلة، واليوم نقول (لهد) "العطارلكبير": "أدخول الحمام ماشي بحال اخروجو أمولاي"، فلابد من كشف باقي "الحواته لكبار"، أصحاب رخص الصيد في أعالي البحار، وطرح الأسئلة "كيفاش؟ أوعلاش؟ أومنين ؟..". فلابد من القطع مع زمن الإفلات من الحساب، لأن الدستور يساوي بين المغاربة في الاستفادة من ثروات وطنهم، لكن الحيتان الكبرى والعطارة لكبار أكلوا اللحم ومصوا العظم، فربما استعمل الغسول في غسل الأموال وتبيضها بدل تبيض الأيدي وتنظيفها، فلا يعقل أن يتوفر المغرب على أكبر منجم في العالم من هذه المادة المنظفة، ومع ذلك لازالت الأوساخ متراكمة في الاقتصاد، السياسة، أو حتى ف"الكورة". "وابالمعطي راه لبلاد توزعات أش أظهر ليك ف"العطارة لكبار"؟ شوف أولدي قال الزجال المغربي: "شيدين توسخات أوغسلات بالصابونة، لايدين تنقات أوتوسخات الصابونة..". تمنياتي لصناعة الغسول بالازدهار في إطار الشفافية والوضوح.. [email protected]