أصدرت المحكمة الشرعية الفيدرالية (FSC) في باكستان، في السابع والعشرين من شهر رمضان الكريم، قرارًا تاريخيًّا بحظر الربا بكافه أشكاله بما فيه ربا البنوك، واعتبرت نظام الصيرفة الإسلامية هي الحلّ البديل بوصفه نظامًا خاليًا عن مخاطر الفائدة الربوية والاستغلال. والمحكمة الشرعية الفيدرالية مؤسسة دستورية يخوّلها الدستور بموجَب مادة 203 "الحقَّ في اعتبار أي قانونٍ أو نصّ منه منافيًا لأحكام الشريعة، وبالتالي إصدار مذكرة حكم للحكومة بإلغاءه بعد مدة محدّدة سيفقد بعدها هذا القانون مغعوليتَه تلقائيًّا". وقد وجّهت المحكمةُ مذكّرة إلى الحكومة الباكستانية في قرارِها بتعاطي تحويلاتها الداخلية والخارجية حسب النظام اللاربوي بدون فوائد؛ لأنّ تعاطي الزيادة على رأس المال يدخل تحت مسمى "الربا". وقد أمهل القرار حكومةَ باكستان لمدة خمس سنوات لكَي تستطيع التخلّص من النظام الربوي السائد بحلول الواحد والثلاثين (31) من شهر ديسمبر لعام 2027 ، كما أعلنت المحكمة أن جميع القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية ستُعتبر مُلغاةً غير سارية المفعول بحلول غرة يونيو من عام 2022 بما فيها "قانون الفائدة (1839 Interest Act)". وقد جاء في قرار المحكمة أنه من المفروض أن يكون قد تم القضاء على الربا قبل عقدين من الزمن بموجَب مادة 38 ف من القانون، لكن الحكومة لم تكنُ جادّة ولم تزل بين أخذٍ وردٍّ وتسويفٍ وتأجيلٍ، وليس من المعقول أن تتمادى الحكومة في هذا الموضوع أكثر. وقد حان لها أن تتخذ خطوات حاسمة في حدود خمس سنوات لتطهير النظام المالي من آفة الربا، وهي مدة كافية لصياغة بديل للنظام المالي القائم على الفائدة ولتأسيس اقتصاد الدولة على أسس الاقتصاد الإسلامي الخالي عن الربا. الصيرفة الإسلامية هي الحل وأشارت المحكمة في قرارها إلى أهمية تطبيق الصيرفة الإسلامية، لا سيما أن الصين هي الأخرى تفضّلها لتسيير المشروع الصينيالباكستاني "سي بيك" (C.pak). كما أشادت بالخطة الاستراتيجية للبنك المركزي التي طلبت من المصارف توصيل حجم الصيرفة الإسلامية إلى 30%، بينما يشكّل قطاع الصيرفة الإسلامية حاليًا حوالي 18.5% من مجموع أصول الصيرفة الباكستانية رغم غياب الإدارة السياسية الواعية. وعليه فإن الصيرفة الإسلامية هي الحلّ الأفضل والأمثل لتحسين الوضع الاقتصاي في الدولة. يُعتبر قرار المحكمة الشرعية الفيدرالية لحظر الربا قرارًا حاسمًا ومبشّرًا بخير كثير لمستقبل الدولة، شرطَ أن تأخذه الجهات المعنية في الاعتبار. ويحسب للجماعة الإسلامية كونها البادئة في تقديم دعوى حظر الربا، وقد رحّب العلماء والخُبراء بهذا القرار. ورغم الاستبشار الغامر بهذا القرار المهم هناك مخاوف من الجهات الحكومية والمصارف الربوية التقليدية أن تحاول استئناف هذا الحكم؛ سعيًا منها لِعرقلة تطبيقه، وتعطيله، أو تبطئته مثلما حصل في الماضي. والمسئولية الآن تتوجّه إلى الحكومة ولا سيما إلى الأحزاب الدينية السياسية أولاً، ثم إلى مؤسسات الإعلام لكي تقوم بحملة إقناعية مخطّطة للتعريف بنظام اقتصادي لاربوي، وترسيخ ثمراته في أذهانهم لكي يتبنّوه بحماس المؤمن الصادق. فالله تعالى نسأل أن يكلّل هذا القرار بالنجاح، وأن يرى نورَ التطبيق العملي ويجعله فاتحة خير ووسيلة ازدهار وما ذلك على الله تعالى بعزيز.