كتب إدريس الكنبوري "وأنا أقرأ كتاب "دراسات في حضارة الإسلام" للمستشرق البريطاني المعروف هاملتون جيب فوجئت لرأي عجيب قاله بخصوص الصراع بين أهل السنة والمعتزلة في عصر المأمون. قال الرجل إنه من حسن حظ الجماعة الإسلامية أن انتصر أهل السنة وهزم المعتزلة لأن انتصار أهل السنة ضمن وحدة المرجعية التي هي ضمانة وحدة الجماعة. والمسكوت عنه عنده هو أن انتصار المعتزلة كان سيؤدي إلى تفرق الجماعة لأن العقل وحده لا يمكن أن يكون ضامنا للوحدة نظرا لتوزع العقول وتعدد الميولات العقلية". وأضاف الباحث في الفكر وقضايا التطرف في تدوينة له في حسابه على فيسبوك "مثل هذا الرأي الموضوعي لا يمكنك أن تراه عند دعاة التنوير والحداثة العرب الذين يرون العقل مرجعية عليا. وما يدل على وجاهة رأي جيب أنك ترى أكثر الناس تخبطا وتفرقا واختلافا هم دعاة العقل في الفكر العربي؛ لا يتفقون على ما يريدون بقدر ما يتفقون على ما يرفضون. الجامع الوحيد بينهم رفض النص وما عدا ذلك لا يجمع بينهم شيء". التناقض الأكبر والمثير عند هؤلاء، حسب الكنبوري "أنهم يقولون بأن النص إذا تعارض مع العقل قدمنا العقل. ولو تأملت جيدا في هذا الموقف لوجدته ضمنيا يرفض النص رفضا مطلقا لأن الاعتراف به مجرد وسيلة إلى تعزيز مكانة العقل أولا وآخرا. فأنت عندما تقول بتقديم العقل إذا عارض النص تقول في نفس الوقت بطرح النص؛ وعندما تقبل بالنص فقط إذا اتفق مع العقل فهذا يعني مركزية العقل في الحالتين؛ حالة التطابق مع النص وحالة التعارض معه؛ إذن فالنص هنا مجرد مطية لتعزيز مكانة العقل فقط؛ فإذا كنت تأخذ بالعقل فقط في الحالتين فالنص عندك مطروح من الأصل؛ والمسألة تؤول في النتيجة إلى الخلاصة التالية: العقل ولا شيء سوى العقل". وتابع الكنبوري "مع ذلك لم يكن المعتزلة كما يتصور هؤلاء؛ فقد ظلموا ظلما شديدا من طرف دعاة التنوير /التزوير كما ظلم ابن رشد وغيره. كان المعتزلة مثلا أكثر الناس دفاعا عن القرآن؛ لكنك تجد أدعياء التنوير العرب أشد الناس خصومة مع القرآن. إنهم يستعملون المعتزلة استعمال الورق للتنشيف".