المشاهدات: 5٬072 ذ. إبراهيم الطالب (مدير جريدة السبيل) هوية بريس – الأحد 31 يناير 2016 قبل أن يفارق صدى كلماتِ الخطيب المفوه الشيخ الوقور يحيى المدغري جدران مسجد حمزة بن عبد المطلب، حتى اصطفت عساكر العلمانيين، وتوزعت لتشكل أجزاء الجيش الثلاثة: 1- ميمنة متمثلة في الصحافة العلمانية النافذة من قبيل "كشك" التي عرفت ما سيحدث في المجلس العلمي الأعلى حتى قبل أن يستفيق كاتبه العام السيد يسف من قيلولة الجمعة. 2- ميسرة ممثلة في أشباه الحقوقيين كعرابة بيت "الحكمة" التي تهدد شيخ سلا وخطيبها بأن بيتها سيصدر بيانا في حقه، بيت الحكمة هذا الذي عهدناه "طفاية" للسيگار الكوبي للعماري، والذي لن يتسع له بعد أن أصبح أمينا عاما سائقا أولا للجرار لكثرة السيگارات التي سيضطر لشربها استعدادا للاستحقاقات القادمة. 3- مقدمة تشكلت من خليط هجين من أنصاف الصحفيين من مسوقي "الإسلام المغربي" وبائعي وهم "الحداثة" في صيدلية الاستبداد والفساد والتحكم. اصطفت كل هذه العساكر، كعساكر التتار لترمي عن قوس واحدة، شيخ علم وخطابة أفنى شبابه وكهولته وجزء من شيخوخته ولا يزال، في الدعوة والإرشاد والتوجيه. لماذا يا ترى هذه الحرب؟ ربما دعا هذا الخطيب إلى نبذ القرآن وأحكامه وطالب بالمساواة في الإرث بين الذكر والأنثى؟ أو ربما دعا إلى حماية حقوق الشواذ من اللواطيين أحباب بيت الحكمة؟ أو ربما دعا إلى العلمانية في بلاد إمارة المؤمنين؟ بل ربما فقد عقله، وطالب وزير العدل والدولة برفع العقوبات عن ممارسة الجنس بين الراشدين، أو طالب بتقنين الدعارة في بلاد المرابطين والعلويين؟ الحقيقة لم يدع إلى شيء من ذلك وما ينبغي له، فكل ما ذكرت هو مطالبُ للعلمانيين، لا يتحرك ضدهم أحد من الوزراء ولا السياسيين، بل يؤيدون وتبذل لهم الحماية من أن ينالهم القضاء أو تحرك ضدهم الدعوى العامة، وتسخر لهم الأموال من الداخل والخارج، حيث تأتيهم من الحكومة الأمريكية مباشرة لمحاربة الإسلام والإسلاميين. ومن بينها جمعية الرويسي التي لا تفتأ تكذب على عباد الله، حيث تصرفت دون رقيب ولا حسيب في أكثر من 300 مليون سنتيم، أي ما يعادل 304 آلاف دولار أمريكي جاءتها من الخارجية الأمريكية لدعم العلمنة ومحاربة الإسلاميين، هذا فضلا عن الدعم الحكومي ودعم الاتحاد الأوربي، ومن يسخرها من حزب "البام" الذي أراد من بيتها أن يكون حانة للعماري ومن معه من القطع الاشتراكية الشيوعية المتلاشية منتهية الصلاحية. لكن ما دام محرك السياسة في بلاد الاستثناء متلاشيا فهو دائماً في حاجة إلى قطع متلاشية مثله ليشتغل، قاذفا من مؤخرته الدخان الأسود الكثيف، ليزيد من التلوث "الحداثي" في السياسة المغربية، والذي أصبح يصيب الأجواء العليا في البلاد باحتباس حراري يزيد من اتساع ثقب الأوزون، المؤذن باضطرابات مناخية قد تعصف بالمستقِرِّ في بلادنا الحبيبة، حيث ليس من المستبعد في ظل هكذا سياسة، أن تعرف مملكتنا زلازلا لن يستطيع سلم ريشتر قياسها. هاته الزلازل لم يتحدث عنها خطيبنا الشيخ يحيى، ولم يدخل في السياسة ولا في مصدر ثروة إلياس، ولا في مشروعه الإعلامي الذي يريد به محاربة الإسلام والمسلمين وليس الإسلاميين، ولا تناول في خطبته أخاه فؤاد الساقط من لائحة السفراء الذين قدمهم حزب التراكتور ليمثلونا في دول العالم الخارجي بعد أن فشلوا في تمثيل المغاربة في مدن العالم الداخلي، لكن فضائحه العقارية المدوية، كانت بمثابة "الصابون البلدي" الذي سرَّع ظهور الوسخ على جلدته بعد دخوله حمام الانتخابات الجماعية، كما سرَّع ذلك الصابون شديد الرغوة تزحلقه من درج السياسة ليخرج منها منهزما كئيبا، لكن "سعدات اللِّي عندو امو فدار العرس"، إذ سرعان ما تلقفه أخوه مهندس سياسة الجرار من الحقل السياسي برمته ليدخله مجال الصحافة، حيث أعطاه مسؤولية إدارة إذاعة كاب راديو، حتى ينسى المغاربة فضائحه في مدينة البوغاز. ولنعد إلى "جريمة" خطيبنا المدغري الريفي، لكن لن أسوق الآيات والأحاديث التي تثبت ربط الزلازل والفيضانات بما يقترفه الناس من مخالفات شرعية تستوجب العقوبة، فالقرآن مليء بها، ومن جهلها فإنه لا يعرف القرآن. كما أني لن أدافع عن الخطيب المدغري وغيره، فمثل قضيته كثير، فهذا دور وزير أوقاف المغاربة وشؤونهم الإسلامية أحمد التوفيق الذي من أهم واجباته أن يحمي خطباء المملكة من استهداف حمقى العلمانيين وغوغائهم، وأن يرد تشغيب اللادينيين من أمثال الرويسي وعصيد، لا أن يرضي خاطر مَن يرى اللواط حقا من حقوق الناس ويستحل الخمر والربا، بالنيل ممن شرفه الله سبحانه بالدفاع عن دينه وتعليم الناس رسالة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. للأسف نقولها بكل صراحة لقد تعوَّدنا من الوزير المكلف بشؤوننا الإسلامية أن يثأر للعلمانيين من الخطباء والوعاظ، رغم كل التحييد الممنهج للمسجد والمنبر عن الحياة العامة، حتى يكاد المتتبع للشأن الإسلامي في المغرب يجزم أن الوزير إنما أصبح هو الآخر موظفا لدى العلمانيين. فقد تابع المغاربة حكاية إغلاق أكثر من 65 دارا للقرآن، حيث لما أقسمتْ فوزية العسولي أن تغلق دور القرآن، وقالت أنها ستكلم الوزير، استجاب الوزير لها على الفور قبل أي يرتد إليها طرفها. وعندما تحدث الشيخ الدكتور رضوان بن شقرون وكان رئيسا لمجلس علمي عن مهرجان "موازين"، واستنكر استدعاء ملك اللواطيين في العالم، كان مصيره العزل، رغم أن مهرجان العهر ذاك، مناقض للمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وتصوف الجنيد، أي مناقض للثوابت الثلاثة التي يبني عليها التوفيق مشروعه في إصلاح الشأن الإسلامي. الموقف نفسه كان للوزير مع خطيب قرية با محمد الذي انتقد استهزاء "عبد القادر البنة" البرلماني الاشتراكي؛ فاستدعاه الوزير إلى الوزارة و"صَبَّنه" أمام البنّة واعتذر للبرلماني على سوء صنيع الخطيب، وعاقب الخطيب بالعزل لمجرد أنه انتقد سياسيا تجرأ على كلام رب العالمين مستنكرا على القرآن كلام الله سبحانه، كيف يحرم علينا الخنزير وهو يلد أكثر من 12 حليليف؛ بينما يُحل لنا الشاة وهي لا تلد إلا واحدة، معتبرا أن هذا لا يصدر إلا عن أمة ضحكة من جهلها الأمم. هكذا هو منهج وزير شأننا الإسلامي مؤلف "ووالد وما ولد" و"جارات أم موسى" يغير خطباءنا كما يغير شخصيات قصصه ورواياته، فكلما رفع أحد من العلمانيين عقيرته متسخطا على خطيب إلا وأمر الوزيرُ بفصله أو إحالته على الاستنطاق، -كما فعل مع المئات من الخطباء والوعاظ غير مَن ذكرنا-، أو على الأقل قام بتقريعه بإنذار أصفر يكون بمثابة تخييره بين العزل أو أن يبلع لسانه. فهل سيكون هذا هو موقفه في قضية الخطيب المدغري؟؟؟ سياسة الوزير في تدبير الشؤون الإسلامية للمغاربة تتمركز -كما قلنا- على مبدأ تحييد المسجد والمنبر من الحياة السياسية وكل ما يتصل بتدبير الشأن العام، ليس حماية لهما من عبث السياسيين، بل لأن مبدأ التحييد هذا، يؤدي وظيفة مماثلة في السياسة المغربية لما لعبه فصل الكنيسة عن السياسة في الغرب، أي التمكين للعلمانية الغربية واستكمال مشروعها في أرض المغرب المسلم. هكذا يستقيم الأمر، على الأقل نستطيع أن نفهم هذا التماهي التام بين قرارات السيد الوزير وبين مطالب العلمانيين، ونفهم تواطؤهم السكوتي معه على نشر القبورية والخرافات ودعم التصوف البدعي، رغم أن "حداثتهم" في نسختها الغربية تأبى ذلك وتعتبره ظلامية ورجعية. كما نفهم أيضا، لماذا يلقبونه بمارتن لوثر المغربي، الذي جاء ليلعب دورين أساسيين في التمكين للمشروع العلماني: الأول: يتمثل في كسر شوكة أورثوذكسية وزارة الأوقاف التي سبق أن وقفت بشراسة في وجه خطة سعيد السعدي وزير التقدم والاشتراكية في حكومة التناوب، بخصوص إدماج المرأة في التنمية، والتي جيَّش لها المدغري الوزيرُ الأورثودكسيُ العلماءَ المغاربة ليقفوا دون إقرارها. يومئذ كانت رابطة علماء المغرب يدافع علماؤها الأفذاذ عن الإسلام وقضاياه من خلال بياناتهم، التي يزاحمون بها ما ينشر في الجرائد العلمانية، وكذا من خلال توصيات مؤتمرات رابطتهم؛ قبل أن يعيد التوفيق هيكلتها ويضيق اختصاصاتها، لتصبح مهمتها قاصرة مقتصرة على إحياء التراث من مقابر الخزانات(*)، مكتفية بمحاورة الأموات بدل الدفاع عن حوزة الإسلام التي أصبحت مستباحة من طرف أمثال عصيد والرويسي وكراكيز الصحافة العلمانية كالحة الوجه، صفيقة الجبين، التي تبيع أقلامها لآخر ساعة كما تبيع أثاث منازلها البالي "لمول البالي" مقابل دريهمات، حتى لا ينتفع بها الناس. الثاني: عزل كل خطيب يُضمِّن خطبته نقدا للموبقات كرِبَا البنوك، وقمار الكازينوهات المنظَّمين بالقانون، أو يشجب تطاول العلمانيين على الدين وشريعته، وهذا يُؤمِّن للعلمانيين تحييد الآلاف من المساجد والمنابر من الصراع، تلك المساجد التي ظلت تحرس الأمة في عقيدتها طيلة عقود الاحتلال الفرنسي العلماني رغم التضييق والتنكيل، لتكمم اليوم منابرها، فيستفرد العلمانيون بأبناء المغاربة يحشون أدمغتهم بسموم أعداء الدين من قبيل وصف رسائل النبي صلى الله عليه وسلم بالإرهابية. بقي أن نشير إلى شيء مهم جداً، لا يخفى على المتتبعين لكن وجب التذكير به: إن معارك العلمانيين التي يخوضونها في مثل قضية الشيخ الخطيب المدغري، ليست رحمة بضحايا الزلازل والفيضانات، الذين يتاجرون بالتباكي عليهم، وليست شجبا لترويج الخطباء للخرافة والظلامية، ولكن لأن الاعتقاد برب يتصرف في الكون ويدبر شؤونه ويعاقب بالزلازل والفياضانات والخسف من يستحق ذلك، يحيل على سؤال يخافه العلمانيون ومن شايعهم، وهو: ماذا يجب أن نفعل حتى لا نتعرض لعذاب الله؟ فيكون الجواب هو: تطبيق شرعه والوقوف عند ما تقتضيه أحكام هذا الشرع، فيأتي هذا السؤال والجواب على المشروع العلماني من أساسه. إن غير الملحدين من العلمانيين المغاربة يعتقدون في الله كما يعتقد بعض العلمانيين الغربيين الذي يثبتون للكون خالقا، لكنه في مخيلتهم كصانع الساعات الماهر، صنع الكون ووضع قوانينه الفزيائية، كما يصنع الساعاتي الساعة ويحدد ثوانيها ودقائقها وحركة دواليبها، ثم ترك هذا الخالقُ الكونَ للإنسان يدبره كيف يشاء، وبهذا يمكنه أن يسن ما يشاء من قوانين ويؤمن بما يشاء من معتقدات أو يكفر، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. لكن أغلب علمانيي المغرب من الصنف الثاني الذين لا يعترفون للكون بخالق ولا مدبر، في حين يُسَلّمون لأئمتهم من الملحدين أمثال داروين تسليما كاملا، يعتقدون أنهم أبناء الطبيعة تطوروا من قرد أو سمكة، لذا لا أحد يلزمهم بشريعة الله أو ما ألزم به عباده من عقائد لا يجوز لهم مخالفتها. لذا ليس غريبا أن يستفز الطائفتين مثلُ تصريحات وخطب الشيخ المدغري وإخوانه من الخطباء والعلماء، الذين يعتقدون ما يعتقده كل المغاربة المسلمين، أن الله حي موجود وهو رب العالمين، كان متصرفا في الكون ولا يزال إلى قيام الساعة حيث تنتثر الكواكب، وتسجر البحار، وتكون السماء كالمهل، وتكون الجبال كالعهن وكذلك بعد أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. يؤمنون بأن الخلق لله كما الأمر لله، لأنهم يعتقدون أنه قيوم السماوات والأرض يتصرف في ملكه كيف يشاء وقتما شاء سبحانه، يعذب بالزلازل والفيضانات والجفاف والقحط. كما ينعم على عباده من المؤمنين بنعمه التي لا تحصى، وهذا ما اعتبرته خديجة الرويسي كهنوتا. خديجة الرويسي هذه، في اتصال هاتفي مع موقع إخباري، طالبت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تسائل هذا الخطيب على ما تفوه به، كما طالبت وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق شخصيا، أن يتخذ الإجراءات اللازمة في حق هؤلاء الخطباء الذي يلجؤون على حد قولها إلى "استعمال الدين في السياسة للدفاع على مشروع ظلامي"، مضيفة أن مكتب جمعية "بيت الحكمة"، سيخرج بيانا قريبا للرأي العام يندد من خلاله بمثل هذه الأقوال. فيا ترى هذه المرة هل سينصر الوزير خطباءه وعلماءه حماة الدين والعقيدة أم سينبطح أمام ذكور وإناث بيت "الحكمة" الذين ينشرون في المغاربة العقائد والمناهج التي تخالف ثوابت المغاربة؟! وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. —————— (*) وهذا ليس تقليل من شأن عملها في التحقيق والنشر لكنوز المسلمين فهذا عمل جليل يشجع، ولكن ليس لهذا فقط خلقت. [email protected]