في ظل غزو ثقافة "الفاست فود"( Fast Food) أصبح الناس أسرى الأكل، بأنواعه المختلفة، خارج البيوت. وزهدت الناس في الأكل الصحي "سلوو فوود" (Slow Food) الذي كان سمة مميزة للبيوت المغربية إلى وقت قريب. في الواقع، أثرت عوامل عدة في ثقافتنا الغذائية المعاصرة، فمن غمر الأسواق بالمواد الغذائية المصنعة والمشبعة بالمواد الحافظة غير الصحية، والتي تكون لها انعكاسات صحية سلبية مع الوقت على السلامة الصحية للمستهلكين، إلى تفضيل بعض الأمهات وسيدات البيوت، خاصة "المتعلمات" منهن إضافة إلى العاملات والموظفات، الطعام الجهاز المعد خارج المنزل، وذلك إما بمبرر عدم كفاية الوقت لإعداد الطعام، أو بمبرر صحي تجميلي "استيتيك"، كون الطبخ المنزلي وما إلى ذلك يؤثر على جمالية وسلامة الاطراف/الأيدي. ويعد الهوس المتزايد بالجانب التجميلي أحد أسباب التهافت المتزايد على "الفاست فوود" عند السيدات بالدرجة الأولى، متجاهلين بذلك، بوعي او دون وعي، التأثيرات غير الصحية المتزايدة على الصحة البدنية مما يجعلهن الأكثر عرضة للإصابة بالامراض، خاصة تلك المرتبطة بالبدانة والجهاز الهضمي. إلى وقت قريب كانت بيوت المغاربة تنبعث منها شتى روائح الطعام الزكية، ولم نكن نشهد هذا السباق المحموم على الوجبات السريعة البتة كما نراه اليوم. ولم يكن يضطر للأكل خارج البيت إلا ذلك"الزفري" الذي يعيش وحده، أو ذلك العامل او الطالب البعيد عن أسرته. أما عند اقتراب المناسبات والأعياد فإن أمهاتنا واخواتنا كاتا تزين موائدنا بشتى انواع الحلويات، وكانت بيوتنا عبارة عن مبخرة تنبعث منها شتى انواع روائح المواد والتوابل التي تستعمل لإعداد ما لذ وطاب من المحليات. حينها لم نكن نهتم بحلويات المتاجر، ولو استمر الحال على ما كان عليه اما كنا في حاجة لنعرف هذا النوع من حلويات "ميريندينا" التي أطلت علينا نازعة لما بقى من أخلاق الحياء والوقار والحشمة لدى ناشئتنا الموجهة إليها مختلف معاول الهدم وشتى مظاهر المسخ الأخلاقي الذي يسعى صنف من التجار منعدمي الضمير إلى نشره بين أفراد المجتمع.