توفيت اليوم الأحد المستشارة تهاني الجبالي النائب الأسبق للمحكمة الدستورية العليا المصرية وأول قاضية في البلاد عن عمر ناهز 71 عامًا، إثر تدهور حالتها الصحية بسبب مضاعفات فيروس كورونا، حسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية. وفق "الجزيرة" نقلت وسائل إعلام محلية عن معتز سامي -زوج ابنة شقيق تهاني الجبالي- نبأ وفاتها الذي نشره عبر حسابه على فيسبوك في الساعات الأولى من صباح اليوم بأحد مستشفيات العاصمة القاهرة الذي نُقلت إليه الأسبوع الماضي لتلقي العلاج. وعقب إعلان وفاتها تصدّر وسم "تهاني الجبالي" قائمة الأعلى تداولًا على تويتر، وكذلك اسمها على محرك البحث غوغل في مصر. وانقسم الناشطون بشأن مواقف المستشارة الراحلة التي أثارت كثيرًا من الجدل قبل سنوات. وكانت تهاني الجبالي قد أثارت جدلًا واسعًا في مصر عام 2012 بتصريحاتها عقب قرار للرئيس محمد مرسي -آنذاك- بتعديل الدستور، مطالبة ببطلانه، كما عُرفت ب"مهاجمتها الشرسة" لجماعة الإخوان المسلمين. وفي صيف عام 2018 رفضت المحكمة الدستورية العليا دعوى تهاني الجبالي المطالبة ببطلان دستور 2012 وعودتها قاضية بالمحكمة. وسبق أن أوصى تقرير هيئة مفوضي المحكمة بعدم قبول الدعوى. وكانت القاضية السابقة قد طالبت في دعواها ببطلان الوثيقة الدستورية التي صدرت باسم دستور 2012 في ما تضمنته من النص على تحديد عدد معين لأعضاء المحكمة الدستورية العليا بهدف الإطاحة بها من عضوية المحكمة، وهو ما عدّته الدعوى "انحرافًا تشريعيًّا ودستوريًّا". وكانت للمستشارة تهاني الجبالي تصريحات عدة مثيرة للجدل لوسائل الإعلام، إذ كشفت عما كان يجري في الكواليس لإسقاط حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، وبرلمان ما بعد ثورة يناير 2011. وقالت المستشارة الراحلة لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في الحوار الذي أجراه معها الصحفي (ديفيد كيريك باتريك) عام 2012 إن أعضاء المحكمة الدستورية قرروا إسقاط البرلمان المنتخب لحرمان التيار الإسلامي من صياغة الدستور الجديد وتمكين المجلس العسكري من تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لصياغة الدستور بعيدًا عن الأحزاب الإسلامية. وهذا ما عدّه مراقبون اعترافًا خطيرًا من قاضية بالمحكمة الدستورية بأن المحكمة انحرفت بسلطاتها والتفت على الإرادة الشعبية التي تمثلت باقتراع 30 مليون مصري شاركوا في انتخاب أول برلمان بعد الثورة لتنخرط المحكمة في صراع سياسي. وأدت تصريحات المستشارة -آنذاك- إلى إلحاق الحرج برئيس المحكمة وأعضائها، مما جعلها تسارع إلى نفي صحة الحوار الذي نشرته الصحيفة، وتشير إلى عدم دقته، فردّت الصحيفة بتأكيد صحة الحوار الذي أجرته معها، وقالت إنه موثق ومسجل بشكل دقيق. وفي تصريحات تلفزيونية لها عام 2013 زعمت تهاني الجبالي أن شقيق الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما هو "مهندس الاستثمارات للتنظيم الدولي للإخوان". وفي عام 2016 وعقب قصف للنظام السوري والطيران الروسي على مدينة حلب، اتهمت المستشارة تهاني الجبالي الإخوان المسلمين بأنهم السبب في الأزمة السورية عبر منشور لها على فيسبوك. وُلدت تهانى محمد الجبالي في 9 نوفمبر 1950 بمحافظة الغربية شمالي مصر، وهي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقًا (من 2003 وحتى 2012)، وهي أول امرأة تتولى مهنة القضاء، وما زالت المرأة التي شغلت أحد المناصب القضائية الأعلى في تاريخ مصر. في عام 2003 عُينت المحامية تهاني الجبالي في منصب القضاء بموجب قرار جمهوري -لعلاقتها الوطيدة بزوجة الرئيس حينذاك سوزان مبارك- وأثير جدل آنذاك في الأوساط القضائية المصرية تشكيكًا في مؤهلاتها القانونية لشغل هذا المنصب. وتلاها تعيين 30 قاضية عام 2007، ثم تعيين 12 قاضية عام 2008 في محاكم الأسرة والمحاكم الاقتصادية والنيابة الإدارية، لكن جميعهن لم يرأسن منصة القضاء. وكانت تهاني الجبالي قد أُدخلت قبل أيام أحد المستشفيات لتلقي العناية الطبية اللازمة بعد ثبوت إصابتها بفيروس كورونا، قبل أن تتدهور حالتها الصحية بشكل متسارع ويتم نقلها إلى الرعاية المركزة. ومن المقرر تشييع الجثمان في وقت لاحق، على أن تُدفن بمقابر الأسرة في مدينة طنطا بمحافظة الغربية شمالي البلاد.