نشرت مؤسسة راند (Rand) تقريرا في 37 صفحة مترجم للعربية، عن " إنترنيت الأجسام: الفرص، المخاطر، الحوكمة" نشر سنة: 2020م على موقع المؤسسة. عرف إنترنيت الأجسام "بأنه جهاز يضم برمجيات أو قدرات حاسوبية، ويستطيع التواصل مع جهاز متصل بالإنترنت أو شبكة ويفي بأحد الأمرين التاليين أو بكليهما معا: يجمع البيانات الصحية المولدة من الشخص أو البيومترية، ويستطيع تغيير وظيفة الجسم البشري، قد تكون البرمجيات أو القدرات الحاسوبية في جهاز لإنترنيت الأجسام بسيطة جدا بحيث تقتصر على بضعة أسطر من رمز تستخدم لإعداد رقاقة دقيقة مزروعة في الجسم للتعرف بالترددات اللاسلكية…" فإنترنيت الأجسام امتداد لإنترنيت الأشياء الذي يعرف بأن له "القدرة على إحداث بعض من التغيير الجسدي أو استشعاره، أو الحصول مباشرة على معلومات من البشر أو تقديم المعلومات لهم، أو استعادة البيانات أو تخزينها". فانطلاقا من هذا التعريف يعتبر أي واحد من أجهزة إنترنيت الأجسام جهاز إنترنيت أشياء، وبتعبير أوضح أن انترنيت الأجسام يرتكز على دمج الأجسام البشرية مع التيكنولوجية. وقد بين التقرير أن حركة " ما بعد الإنسانية" هي نظرة عالمية وحركة سياسية تؤيد تجاوز الإنسانية للقدرات البشرية الحيالة، ويريد أتباع هذه الحركة استخدام التيكنولوجيا -على غرار الأعضاء الصناعية والتقنيات الأخرى- لوقف الشيخوخة وتحقيق إطالة الحياة الجذرية (فيتا-مور)… وصرح بأن من تحديات هذه التقنية يحتمل قرصنتها فيتم بذلك تعديل الجسم من أجل تعزيز القدرات الجسدية أو المعرفية لدى شخص ما، "وقد زرع القراصنة الإلكترونيون أبواقا في رؤوسهم وأضواء ليد (LED) تحت جلدهم، وتهدف عمليات قرصنة إليكترونية أخرى، مثل زرع الرقاقات الدقيقة للتعرف بالترددات اللاسلكية (RFID) في يد شخص ما". لفتح قفل الأبواب وركوب السيارات وتخزين المعلومات والشراء ومعالجة الأمراض… وصولا إلى التلاعب بالجينات البشرية من خلال تقنيات التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة ومنتظمة التباعد، وقد قدم التقرير مجموعة من الأمثلة التطبيقية لإنترنيت الأجسام -خاصة مع تطبيق شبكة الجيل الخامس للاتصالات اللاسلكية (5G)- منها: زراعة بنكرياس اصطناعي، وصل الدماغ بالحاسوب، معالجة الشلل الرعاش، جهاز القوقعية للسمع، زرع راصد في الدم للجلوكوز، وزراعة جسم لتنظيم ضربات القلب، ودعامات للقلب ذكية… وقد اهتمت الجيوش اهتماما بإنترنيت الأجسام بتتبع صحتهم العسكرية ورفاهيتهم، وتعزيز قدراتهم المعرفية والجسدية… بين التقرير أن مخاطر إنترنيت الأجسام، توازي مخاطر إنترنيت الأشياء، فكما الحاسوب يمكن التلاعب به فكذلك الجسم المدمج مع التيكنولوجيا، إلا أن التلاعب بإنترنيت الأجسام أكثر خطورة ويؤدي إلى عواقب خطيرة جدا، من حيث الأمن العالمي، والقومي والشخصي، ومخاطر من حيث الأمن الإلكتروني. إلا أن هذه التيكنولوجيا تتصادم مع الحرية الفردية لمن لا يريد العيش اعتمادا على هذه الأجهزة أو التفاعل معها، توقع التقرير استخدام تقنية إنترنيت الأجسام بشكل قصري في نظام العدالة الجنائية، فقد تضغط المحاكم والسجون على الأشخاص لاستخدام أجهزة أنترنيت الأجسام. أما الموظفين فيمكن مراودتهم بطريق غير مباشر لجعلهم يقبلوا باستخدام هذه التيكنولوجيا الحديثة. هل سيبقى الذي استعمل هذه التيكنولوجيا في جسمه له استقلالية للتحكم في سلامة جسده ؟ ربما سيجادل البعض أن للناس حق معنوي أساسي في الاستقلالية الجسدية وأن هذا الحق يجب أن يمكنهم من التحكم بشكل كامل بأجهزتهم باعتبارها امتدادا لأجسامهم فإن حاول مطور ما فرض اتفاقية لتغيير سياسات استخدام البيانات المتعلقة بجهاز تم زرعه في الجسم، فهذا الأمر لم يتم الحسم فيه بعد، فربما يتم تنظيم أحكام وشروط تنظم استخدام إنترنيت الأجسام مستقبلا، ولذلك خصص التقرير لحوكمة أجهزة إنترنيت الأجسام والمعلومات توجيهات مهمة، فذكر بجهود إدارة الغذاء والدواء، وجهود الأمن في حماية بيانات إنترنيت الأجسام. وقد ختم التقرير بتوصيات لتحقيق منافع إنترنيت الأجسام الطبية والصحية والأخرى تحقيقا تاما، منها: تعزيز الأمن القومي، الدفع بالأمن الإلكتروني قدما، ضمان الخصوصيات، ونشر التوعية. نستنتج؛ أن العالم يتجه نحو جعل الأجسام البشرية كآلة قابلة لاستقبال الأنترنيت، من خلال زرع بعض الشرائح والأدوات الإلكترونية، بحيث ينتقل من مستعمل لإنترنيت الأشياء إلى متفاعل مع الأنترنيت ومندمج فيه، وكأنه سيدخل لحياة الأحلام من خلال نظارات "الميتافيرس" ولن يستفيق إلا بخلع تلك النظارات لينام في الواقع ويستفيق للعيش في حياة الأحلام.