القادة العرب يجتمعون في القاهرة    مطالب للححكومة بدعم الكسابة بعد إلغاء أضحية العيد    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    بتعليمات ملكية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان" لفائدة مليون أسرة مغربية    ساكنة الجديدة تنتظر تدخل العامل ومحاسبة المتسببين في مهزلة الأزبال    ترامب يعلق "مساعدات أوكرانيا"    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالقدس الشريف    ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 20 في المائة على الصين    إعلام عبري: إسرائيل تعتزم استئناف الحرب على غزة خلال 10 أيام    تحويلات الجالية تتجاوز 9 مليار درهم متم يناير المنصرم    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    ألباريس يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم لمبادرة الحكم الذاتي ولمغربية الصحراء    مباحثات بين ولد الرشيد ووزير خارجية ألبانيا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي    تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    القطب الصناعي لمجموعة طنجة المتوسط يحقق 174 مليار درهم من المعاملات في 2024    بتعليمات ملكية سامية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يعطيان انطلاقة عملية "رمضان 1446" لتوزيع المساعدات    مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة يصادق على مشاريع بيئية واقتصادية وثقافية    مجلس حقوق الإنسان: 40 دولة تجدد تأكيد دعمها للسيادة التامة والكاملة للمغرب على صحرائه    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    سينما.. فيلم "أنا ما زلت هنا" يمنح البرازيل أول جائزة أوسكار    أداء إيجابي يسم بورصة البيضاء    زكية الدريوش    إرجاء محاكمة أقارب "تيك توكر"    المغرب يستعد لأسبوع ممطر مع انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    برشلونة.. إصابة 34 شخصًا بينهم أربعة في حالة حرجة جراء تصادم حافلتين    إدانة عبد المومني ب6 أشهر حبسا    ولد الرشيد يشيد بالموقف الألباني    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيس أوزبكستان بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    3 مغاربة في جائزة الشيخ زايد للكتاب    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    المغرب يستمر في حملة التلقيح ضد الحصبة لرفع نسبة التغطية إلى 90%‬    أحمد زينون    كرنفال حكومي مستفز    واشنطن تجدد تأكيد إرادتها التفاوض بشأن إنهاء النزاع الروسي الأوكراني    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    حوار مع صديقي الغاضب.. 2/1    وكالة الأنباء الإسبانية (إفي): ابراهيم دياز.. الورقة المغربية الرابحة لأنشيلوتي في ديربي مدريد    أهدنا الحياة .. ومات!    الصحافي الذي مارس الدبلوماسية من بوابة الثقافة    ضرورة تجديد التراث العربي    استقالة جواد ظريف نائب رئيس إيران    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    قراءة فيدورة جديدة من بطولة القسم الثاني : الكوكب تعزز صدارتها وتوسع الفارق …    حكيمي ينافس على جائزة لاعب الشهر في الدوري الفرنسي    مجلة إيطالية: المغرب نموذج رائد في تربية الأحياء المائية بإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط    نتائج قرعة دور ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي 2025    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    دوبلانتيس يعزز رقمه العالمي في القفز بالزانة    كرة القدم: كوريا تتقدم بطلب تنظيم كأس آسيا 2031    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصعب بن عمير رضي الله عنه.. مثال لاستبدال نعيم الدنيا بنعيم الآخرة
نشر في هوية بريس يوم 12 - 11 - 2021

أحد أعظم أبطال شباب المسلمين، ممن كان لهم جليل التأثير في رسم حياة أهل المدينة النبوية قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها. شاب لا كباقي الشباب، وبطل لا كباقي الأبطال، ومعلم للقرآن لا كباقي المعلمين، وحكيم في الدعوة إلى الله لا كباقي الحكماء. أول من رحل من هذه الأمة ليُقْرِئَ القرآن، وليبلِّغ العلم خارج بلده، وأول إمام بالناس في المدينة النبوية.. إنه مصعب بن عمير رضي الله عنه.
كرِّرْ عليَّ حديثهم يا حادي * فحديثُهم يجلو الفؤادَ الصادي
كان في صغره وقبل إسلامه شابا غنيا، جميلا، مدللا، منعما، حسن الوجه، يلبس من الثياب أغلاها، ومن النعال حَضرميها، وكان يستعمل من العطور أنفسها، حتى إن شوارع مكة تشهد بمروره بها، بسبب رائحة العطر الثمين الذي يستعمله. وكان أبواه من أغنى أغنياء مكة، يحبانه حبا عظيما، ولا يردان له طلبا، وبخاصة أمه، التي كانت مليئة كثيرة المال، بلغ من شدة كَلَفها به أنه يبيت وقَعْبُ الحَيْس (تمر وأقط وسمن، تخلط وتعجن) عند رأسه، فإذا استيقظ من نومه أكل.. إنها حياة نعيم ودلال.
ولما علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم بن أبي الأرقم، دخل عليه، فصدق به، وأسلم، وخرج كاتما إسلامه، لكن بلغ الخبر أمه وقومه، فأخذوه وحبسوه، فلم يزل محبوسًا حتى خرج إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى.
لقد اختار مصعب حياة الشظف في ظل هداية الإسلام، على حياة النعيم في جلباب الشرك. لم يكن من الشباب المتكسرين، الذين تغريهم الشهوات وملذات الدنيا، ورغد العيش، المنشغلين بالتفاهات ورخص الأمور، بل كان ذا همة عالية لا تنكسر، وعزيمة قوية لا تلين، يُتحمل في سبيلها وعورة المسير، ويستسهل في طريقها كل عسير.
لقد رآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومًا فقال: "انظروا إلى هذا الرجل الذي نوَّر الله قلبه، لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب، ولقد رأيت عليه حُلةً اشتُريت له بمائتي ألف درهم، فدعاه حبُّ الله ورسوله إلى ما ترون".
وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "لقد رأيته جَهَدَ في الإسلام جهدًا شديدًا، حتى لقد رأيت جلده يتحشَّف (يتطاير) تَحشُّفَ جلد الحية عنها، حتى إن كنا لنعرضه على قَتَبِنا فنحمله، مما به من الجهد".
وما كان الله ليضيع أجر المؤمنين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئاً لِله عَزَّ وَجَلَّ ، إِلاَّ بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ" رواه أحمد.
لقد اختاره الله عز وجل إلى مَهمة لا يقدر عليها إلا الشباب العظماء، رفع الله بها قدره، وخلد بها ذكره، وأعلى بها مكانته.
لقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة اثنتي عشرة سنة يدعو إلى الله، ولم يؤمن له إلا قليل، فأخذ صلى الله عليه وسلم يتأهب للهجرة إلى المدينة، وكان لا بد من تعبيد الأرض في المدينة، بأن يدخل القرآن الكريم كل بيت بها، وأن يتعرف الناس هناك هذا الدين الكريم، بعد أن كانت العلاقة بينهم أوسا وخزرجا متوترة مضطربة، حتى إن الحروب بينهم استمرت أكثر مِن مائة سنة، آخرها يوم بُعاث. فوقع الاختيار على مصعب بن عمير، الذي كان عليه أن يقوم بمهمته في ظرف سنة، وقد كان زاده في ذلك ما معه من القرآن الكريم، حفظا، وأداء، وتمثلا.
قال البيهقي: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير رضي الله عنه مع النفر الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى إلى المدينة يُفَقِّهُ أهلَها، ويقرئهم القرآن، وكان منزله على أسعد بن زُرارة، وكان إنما يسمى بالمدينة "المقرئ".. وكان أولَ من جمَّع الجمعة بالمدينة للمسلمين قبل أن يَقدَمها رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ولقد أسلم على يديه اثنان من عظماء الصحابة: أسيدُ بن حضير، وسعدُ بن معاذ الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عرش الرحمن اهتز لموته سيدَا قومهما من بني عبد الأشهل، اللَّذين سمعا من مصعب آيات من القرآن الكريم، فشرح الله صدرهما، وتحولا عن الشرك إلى الإسلام، وأسلم بإسلامهما بنو عبد الأشهل عن بكرة أبيهم. يقول سعد بن معاذ رضي الله عنه لقومه بعد إسلامه: "يَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، كَيْفَ تَعْلَمُونَ أَمْرِي فِيكُمْ؟". قَالُوا: "سَيِّدُنَا، وَأَفْضَلُنَا رَأْيًا، وَأَيْمَنُنَا نَقِيبَةً". قَالَ: "فَإِنَّ كَلَامَ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِالله وَبِرَسُولِهِ". قَالَ مصعب وأسعد بن زرارة: "فَوَاَلله مَا أَمْسَى فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إلّا مُسْلِمًا وَمُسْلِمَةً".
ثم رجع مصعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سنة، يبشره بنجاح المهمة على أكمل وجه، لينطلق حدث الهجرة إلى المدينة النبوية.
إذا لم تحاول في شبابك غاية * فيا ليت شعري أيَّ وقت تحاول؟
لقد كتب الله أن يعيش مصعب بن عمير رضي الله عنه أربعين سنة، منها ست سنوات في الإسلام فقط، حيث قتل شهيدا في معركة أحد.
قال خباب بن الأرت رضي الله عنه: "هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَبِيلِ اللهِ، نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ: فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا نَمِرَةٌ، فَكُنَّا إِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ، خَرَجَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رِجْلَيْهِ، خَرَجَ رَأْسُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ". وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهْوَ يَهْدِبُهَا" متفق عليه.
وفيه وفي شهداء أحد نزل قول الله تعالى : (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).
ولقد عَرف كبار الصحابة لمصعب قدره ومكانته. فهذا عبد الرحمن بن عوف وهو من العشرة المبشرين بالجنة ، أُتِيَ بِطَعَامٍ، وَكَانَ صَائِمًا، فَقَالَ: "قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ، بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ. وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي. ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا. ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ" رواه البخاري.
أولَئِكَ آبائي فَجِئني بِمِثلِهِم * إِذا جَمَعَتنا يا جَريرُ المَجامِعُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.