طبعاً الناخب المغربي عندما عاقب البيجيدي فتقديره يجب أن يحترم ولا يمكن تبسيطه أو تجاوزه.. بالعكس هذا يدفعنا لإعادة النظر في مقاربتنا للمشاركة السياسية، فنحن كما لا يخفى على المراقب المنصف قررنا المشاركة السياسية منذ عقود على أساس تأمين الوجود وفي مناخ مشحون ضد الحزب من الطبقة السياسية واللوبيات، فلما فاجأ الربيع العربي جميع المراقبين، كانت المفاجأة أكبر بالنسبة للحزب الذي حملته تلك الرياح إلى قيادة الحكومة في ظل دستور جديد بصلاحيات أوسع.. فتحمل الحزب المسؤولية وهو بين مرحلتين: مرحلة المدافعة من أجل تأمين الوجود ولو بمشاركة رمزية في الحكومة، ولهذا دافع الأستاذ بنكيران بقوة عن مشاركة الحزب ولو بوزير واحد في حكومة اليوسفي رحمه الله، ومرحلة جديدة فرضها مناخ الربيع العربي، تتسم بتقديم تضحيات، والوقوف في وجه الفساد والاستبداد، وأيضاً في وجه اللوبيات التي كانت تقف حجرة عثرة في وجه الحزب وجوداً، وتحمله المسؤولية المعنوية للإرهاب الذي حصل في 16 ماي وتطالب بحله..! فمن الصعب أن يوفق الحزب، خصوصاً قيادات الصف الاول، بين مرحلتين تتطلبان مقاربتان متناقضتان، الأولى في مرحلة ما قبل الربيع العربي حيث إبداء حسن السيرة والاعتدال في مواجهة الفساد، والثانية بعد الربيع العربي التي تتطلب مواجهة شرسة في منازلة الفساد والاستبداد..! نعم استطاع الأستاذ عبد الإله بنكيران التوفيق إلى حد كبير بين المقاربتين بخاصية الآلة التواصلية الرهيبة التي هي منحة من الله لا يمكن أن تتوفر في جميع القيادات..! الخلاصة أن الحزب كان يتحرك وهو مثقل بإكراهات الماضي، وهذا ما لا يمكن للمناضلين أن يستوعبوه بسهولة فضلا عن الناخب المغربي الذي كانت له انتظارات كبرى..! وهذا يدفعنا لمراجعة مقاربتنا للمشاركة السياسية في الظروف الحالية، فالأزمة ليست أزمة قيادة كما يتوهم البعض، بل هي أعمق تتعلق بمقاربة المشاركة، وليس مبدأ المشاركة، بعد أن استنفذت الرؤية السابقة إمكانياتها وأعطت نتائج في تقديري جيدة..لأنها عبرت بالوطن مرحلة الربيع العربي بسلام، وأخرجت البلاد من أزمة اقتصادية خانقة.. والله تعالى أعلم.