هوية بريس – الأربعاء 16 دجنبر 2015 كنتُ دائما أقول: إذا أردتَ أن تعرفَ مكانةَ وموقعَ أيّ دينٍ في قلوب أهله فانظر إلى تعظيمهم لمناسكه ومدى حرصهم على تطبيق أركانه وكذا ذودهم عن شعائره… لقوله تعالى: "ومن يُعظّم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب"! لكن لا يتأتّى هذا بالقول والتّنظير فقط فها هيَ تلبياتُ الحُجّاجِ تملأ الأفق حتّى تكادُ حناجرهم تُعانق عَنان السّماء تضرّعاً وخضوعاً وخنوعاً وقلوبهم غارقة في وحل الدّنيا، وها هيَ صفوفُ المصلّين متراصّةٌ فيما بينها في المساجد لكن القلوبُ معوجّة! إني لا أسعى إلى المثالية ولستُ شخصاً مثاليا، إني أؤمن بمنطق الخطأ وأعترف بجُرم الذنب والمعصية لأني أمارس هذه المفاهيم رغماً عني بل الطبيعة هي التي حتّمتها عليّ لأني لست معصوماً ولا أدّعي العصمة ككثير من ملائكة البشر المثاليين المنظّرين… ولولا هذه العبارات ما عرفتُ الطريق للتعلم وبصرتُ سبيل التوبة والإنابة… فليس العيب في أن تكون مخطئاً أو مذنباً عاصياً لكن العيب كلّ العيب أن تصرّ على هفواتك وتدّعي المثالية وسط إخوانكَ البشر! لقد كنّا نرى أُناساً بلا ذنوبٍ ولا عيوبٍ فتتبّعُوا عورات إخوانهم فابتلاهم الله من حيث لا يعلمون، وقد جاءَ في الأثر: من عيّرَ أخاهُ بذنبٍ لن يمُتْ حتى يعمله! وصحّ كذلك في الأثر: "لا تُظهر الشّماتةَ بأخيكَ فيعافيه الله ويبتليكَ"! فيا أيها النّاس عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم واتركُوا الناس لرب الناس فهو أجدرُ بهم إن شاء جلّ وعلا عذّبهم وإن شاء عفا وغفر! فلا تحقرنَّ من المعروفِ شيئاً فقليلٌ دائمٌ خيرٌ من كثيرٍ مُنقطع ولا تُفسِّقَنَّ أحداً أو تُكفّرَنَّهُ أو تُبدِّعَنَّهُ فقد يهديهِ الله ويبلغُ ما لم تبلُغه من الطّاعات والقربات والعبادات… ولا تُكنْ ككثيرٍ من وُعَّاظنا الذين يظُنُّونَ أنّ الجنَّةَ تحتَ أقدامهمُ المُتّسخة!