من مواطن غيور إلى سعادة وزير الأوقاف وفقه الله لكل خير السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد: سعادةَ الوزير! أَوَّلاً نُقَدِّرُ لكم ما بذلتموه من جهود عظيمة من أجل وقاية المغاربة من انتشار وباء كورونا، وذلك من خلال الإجراءات الاحترازية، والتي تعامل معها غالب المصلين بجدية وانضباط بعدما فُتحت المساجد، وهذا ما اعترفَت به الوزارة من خلال أول خطبة جمعة موحدة بعد الإغلاق، وهو ما يشهد به الخاص والعام، أن المساجد عرفت انضباطا لا نظير له في بقية الأماكن العمومية… لكن سعادةَ الوزير! لا يخفى عليكم أن الحالة الوبائية عرفت تحسنا ملحوظا خلال الأشهر الماضية، بحيث صارت نسبُ الوفيات ونسب الإصابات ضئيلة جدا بحمد الله، فقد بلغت يوم 27/6/2021 عدد الوفيات: 4 فقط، وعدد الإصابات في اليوم نفسه: 452 إصابة، وإذا قمنا بعملية حسابية بالنظر إلى العدد الإجمالي للمغاربة، فهذا يعني أن نسبة احتمال الإصابة بالفيروس تبلغ 0.0001%، بينما نسبة احتمال الوفاة بالفيروس أقل من ذلك بكثير؛ مما جعل المصالح التابعة لجميع الوزارات تتعامل بشيء من المرونة والتسامح مع الإجراءات الاحترازية. وقد لاحظ الناس جميعا -ولعلكم لاحظتم- هذا التسامح في الأسواق العمومية، وفي المؤسسات التعليمية، بل وفي المستشفيات والمراكز الصحية التي يُفرض فيها أن تضرب المثل في هذا الشأن، وقد لاحظتُ ذلك بنفسي عندما ذهبت لتلقي جرعتي الثانية من اللقاح، ففوجت بأني في قاعة انتظار مكتظة، حيث يكاد الناس يلتصق بعضهم ببعض، وبدون كمامات، كل هذا على مرأى من الطواقم الطبية، مع أن هناك ملصقات تدعو إلى الالتزام بالتباعد وارتداء الكمامة!!! في مقابل هذا التسامح نجد تشددا كبيرا من طرف بعض المندوبين في إلزام أئمة المساجد بفرض التباعد على المصلين في المساجد أثناء صلاة الجماعة، مما أدى إلى وقوع الفتنة بين الناس في بعض المساجد، بل وبلغ الأمر إلى حد التهديد بإغلاق بعض المساجد بسبب عدم التزام الناس بالتباعد، في حين تعرف المقاهي وقاعات الحفلات اكتظاظا من غير حسيب ولا رقيب ولا تهديد… يا سعادةَ الوزير! لقد صرنا نعيش تناقضا صارخا، ومفارقات عجيبة في حياتنا اليومية، حيث نعيش التراص في أسواقنا، وفي وسائل نقلنا، وفي سائر حياتنا اليومية، وكذلك في طريقنا إلى صلاة الجماعة؛ حتى إذا دخلنا المسجد -حيث أَمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بالتراص في صلاة الجماعة- تباعدنا، فإذا قُضيت الصلاة تزاحمنا على أبواب المساجد، والتقينا مع بعضنا، وتصافحنا بل وتعانقنا، كل هذا على مرأى من الجهات الرسمية التابعة لمختلف الوزارات!! يا سعادةَ الوزير! لو أخذنا بعين الاعتبار نسبة 0.0001% لَلَزم من ذلك الصلاة بالتباعد مدى الحياة، وتعطيل سنة التراص في الصفوف ما بقي الليل والنهار؛ وذلك لأن احتمالَ إصابتِنا ببعض الأمراض المعدية واردة دائما، وَبِنِسَبٍ تتجاوز النسبة المذكورة. يا سعادةَ الوزير! كل ما ألتمسه من سعادتكم: هو أن تنبهوا المندوبين إلى شيء من المرونة والتسامح مع قضية التباعد بين المصلين في المساجد، وأن لا يَشِقُّوا على الناس الذين يعيشون التقارب بغير حرج في حياتهم اليومية، راجين من الله تعالى أن تصيبكم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الرفق، فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ» (رواه مسلم). يا سعادةَ الوزير! إني مجرد مواطن مغمور دفعته الغيرة على المساجد إلى كتابة هذه الرسالة المفتوحة إليكم، راجيا من الله أن تقابلوها بقدر من الاهتمام، وأن تنظروا إليها بعين الاعتبار. أسأل الله أن يوفقكم لكل خير، وأن يعينكم على أداء مهمتكم على الوجه الذي يرضاه الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله.