أصبح لافتا للانتباه بمختلف مساجد المملكة، وجود اختلالات على مستوى تسوية صفوف المصلين، إذ نجد المسلمين في المساجد يتهاونون في إقامة الصفوف، وذلك من حيث بنائها وتسويتها وتحقيق التراص في الصف وسد الفرج، وإذا كان عدد مهم من الأئمة لا يتوانون عن حث المصلين على التراص في الصف، فإن البعض الآخر يدخل المحراب ويشرع في الصلاة دون حرص على حث المصلين على ذلك، وفي الجهة الاخرى فكثير من المصلين يرفضون الاستجابة للدعوة أو في بعض الحالات يرد البعض بتشنج وقلة ادب على كل من طلب منه تسوية الصفوف. وإذا كانت الاختلالات الموجودة في الصلاة سببها أحيانا الجهل بصفة الصلاة وشروطها وأحيانا أخرى التهاون في الالتزام بسننها وفق ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام، في حديثة «صلوا كما رأيتموني أصلي»، فإن أحمد كافي أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية بالدار البيضاء، يعتبر أن تغييب السنن في الصلاة «تجعلها صلاة معرضة لكثيرمن الثقوب، وهذا هو السر في غياب الخشوع عند كثير من المصلين، إذ كلما كثرالبعد عن الصلاة الشرعية السنية، كلما أدخل هذا النقص الظاهري النقصَ على مضمون الصلاة وباطنها من خشوع وأثر في السلوك والمعاملات»، يقول المتحدث في حديثه مع «التجديد». كثير من المصلين ينزعجون من توجيهات المصلين المتعلقة بتسوية الصفوف، وهنا يرى الكافي أن «الواجب على الآمرين بالتمسك بالسنة النبوية في تسوية الصفوف أن يكون عملهم برفق وابتسامة تدفع الآخرإلى التجاوب الإيجابي مع ما يؤمر به»، مشددا على أن «كل مسلم سمع شيئا من الدين أن يتأكد من سنتيه أولا، وأن يبادر إلى محبة السنة بتطبيقها قدرالمستطاع على الوجه الواردة به. أما الأمر بتسوية الصوف فهذا مما هو ثابت شرعا في عدة أحاديث صحيحة، يذكر الدكتور أحمد كافي، عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ فقلنا: يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف» (رواه مسلم). ودلالة الأحاديث الشرعية ظاهرة في أثر هذه التسوية في الصلاة على وحدة الأمة وتراصها .كما قال صلى الله عليه وسلم: «رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الخذف» (رواه أبو داود وغيره وهو صحيح )، وهذا الحديث يذكر علة الأمر بالتسوية وهو عدم التمكين للشيطان أن يتلاعب بأهل الإيمان، إذ كلما تقارب الناس وألصق بعضهم رجله برجل أخيه إلا وتعانوا في تسوية الصفوف إلا وظهر أثر ذلك في الارتباط الوجداني بينهم في حياتهم الدنيوية. ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كاد يكبر، رجلاً بادياً صدره من الصف، فقال: عباد الله لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم»(رواه مسلم). يقول الكافي، «يستفاد من هذا الدليل أن لتسوية الصفوف تأثير على وحدة وجهة الأمة، فعند تنازعها في التسوية ينتقل هذا التنازع إلى الأغراض والتوجهات وما يتبعها من الخصومات بسبب تنازعها في الصلاة، حيث يتقدم البعض على الغير، وينفر البعض من التسوية.. فنرى أثر هذه المظاهر غير المرضية شرعا في حياة الناس. واتفق أغلب العلماء بخصوص معنى إقامة الصف على أمور عديدة نذكر منها، «حصول الإستقامة والإعتدال ظاهرا كما هو المطلوب باطنا» *** نصوص مرغبة في تسوية الصفوف عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ) رواه البخاري ( 690 ) ومسلم ( 43)، وفي رواية للبخاري (72) : (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ). قال صلى الله عليه وسلم: «رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الخذف» (رواه أبو داود وغيره وهو صحيح ). عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ : (اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ) رواه مسلم (432) . عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ ، حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ ، فَرَأَى رَجُلا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنْ الصَّفِّ ، فَقَالَ: (عِبَادَ اللَّهِ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ). رواه البخاري (717) ومسلم (436).