هاهي إسرائيل تعود لطبيعتها وصبغتها التي جبلت عليها، لتشد أنظار العالم من جديد بأبشع الجرائم ضد البشرية. هذه المرة لم تكتفي بجرائم القتل وأسر المدنيين بل تعدته إلى جرائم متنوعة منها التهجير القسري ضد أهالي حي الجراح بالقدس، وجرائم ضرب وطرد وتنكيل المصلين والمعتكفين بالمسجد الأقصى الذين ليس في همهم سوى مناجاة ربهم والتبتل إليه خلال الأسبوع الأخير من رمضان الماضي ولعلها أشد الجرائم عنصرية وتطرفا وتعصبا ضد المعتقدات، وكذلك جرائم استهداف المدنيين و العزل وقتل النساء والأطفال والشيوخ وتخريب المجمعات السكنية الآمنة. وعلى إثر هذه الهجمات الأبشع في سجل إسرائيل، نجد أن الكثير لازال يسمي هذا الكيان احتلالا وينزع عنه صبغة وجرم الفعل الإرهابي. فهل حقا إسرائيل تعتبر احتلالا لا غير أم أنها كيان صهيوني إرهابي متجذر؟ مثل هذا السؤال نظن أن التاريخ كفيل بالإجابة عليه . في العام السادس قبل الميلاد نشأ أول تيار إرهابي عرفته البشرية لطائفة يهودية تسمى "الزيوت" عرفت بتعصبها وتطرفها الشديد ضد الرومان، وكانت جماعة سرية وقليلة العدد ظهرت منها مجموعة أخرى تسمى " السيكاري" تقوم بهجمات طعن للرومان المدنيين العزل بالخناجر فقد كان فكر هذه الطائفة مفعما بالأساطير الشعبية متأثرين بالنزعة الأخروية. وما كان يميز إرهاب "الزيلوت" هو استخدامهم لأسلوب حرب العصابات. هذه العودة للتاريخ توضح لنا جليا كيف أن إسرائيل كانت إرهابا قبل أن تكون احتلالا. وقد صرحت "ليئا رابين" من قبل أرملة إسحاق رابين الجنرال العسكري الإسرائيلي سابقا لإحدى الصحف الإسرائيلية قولها بأن : "اليهود أيضا استعملوا الإرهاب" وهذه المرة شهد شاهد من أهله، لكن للأسف الشديد يبدو أن الإعلام العربي لم يسثتمر هذا التصريح كما يجب، رغم أنه اعتراف صريح من عقر بيت العدو. ويبدو أن الأعمال الإرهابية لرابين لم تكن تخفى عن أرملته "ليئا" فهو الذي أمر بكسر أيدي أطفال الحجارة وبقر بطون الحوامل واغتصاب وذبح الرجال والأطفال والشيوخ حسب ما نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية (في عددها الصادر يوم 05/11/1979 الصفحة 68). ويتضح أن أرملة رابين كانت تفهم المخطط الإستراتيجي الإرهابي الإسرائيلي الذي استعملت فيه جميع أنواع الجرائم والرعب والعنف من قبل المنظمات الإسرائلية من بينها "ستيرن" و "الأرقن" و "الهجانة" والجيش الإسرائيلي. وقد شهدت شاهد آخر من أهلها، تصريح نقلته مجلة المجلة عدد 925 عام 1997 ، هذه المرة الأمر يخص مدرسة إسرائلية تدعى " نوريت بيلد" قالت : "نحن من زرع بينهم (تقصد الفلسطينيين) إرهابا أشرس مائة مرة مما يقومون هم به". والتاريخ شاهد وموثق لجميع المذابح والمجازر التي قامت بها إسرائيل ضد المدنيين منها مذبحة " بلدة الشيخ ومذبحة قرية ناصر الدين ومذبحة دير ياسين الأكثر ترويعا والمتعمدة من منظمة "الأرقن" لترهيب الأهالي ودفعهم لترك قراهم ومنازلهم وقد راح ضحيتها 251 شخص ، وقد ساعدت هذه المذبحة الجماعية في زيادة الاستيطان وتوسع إسرائيل بشكل كبير، ومذبحة بيت أراس كلها سنة 1948، ثم مذابح شرفات سنة 1951، ومذبحة قرية قبية سنة 1953، ومذبحة قرية دير أيوب ومذبحة غزة سنة 1955، ومذبحة قلقيلية سنة 1956، والأشهر مذبحة صبرا وشاتيلا سنة 1982. كلها مذابح ومجارز شنيعة وبشعة في حق الأبرياء الفلسطنيين، ووثقها التاريخ في سجل الكيان الصهيوني الإرهابي. ولم تكتفي إسرائيل باستخدام الشعب الفلسطيني بل اغتالت كثيرا من العلماء والسياسيين العرب والأجانب. وقد قامت بعدة عمليات إرهابية نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية ضد لبنان وسوريا فهي من ارتكب مذبحة "قانا" الشهيرة في حق اللبنانيين وفجرت حافلة في دمشق كانت متجهة إلى حلب تضم أكثر من 40 شخص عام 1996، ولم تسلم الأردن من شرها حتى بعد توقيع معاهدة السلام فقد حاول الموساد اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس سنة 1997, ولم تكن إسرائيل لتسير في مخططاتها الإرهابية لولا الدعم الذي كانت ولازالت نتلقاه من الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي غطت بدورها عن جميع الجرائم الصهيونية وسكتت عنها وبالمقابل هاجمت حركتي المقاومة الوطنية حماس والجهاد الإسلامي بأنهما منظمتين إرهابيتين، لحفظ المصالح الإقتصادية المشتركة مع إسرائيل وضغط اللوبي اليهودي على الحكومة الأمريكية، وكما قال المفكر الأمريكي نعوم شومسكي : "إسرائيل تمادت في مخططاتها وتسير نحو استراتيجية ضم أكبر عدد من الأراضي الفلسطينية ولم تكن لتتجرأ على ذلك لولا دعم وحماية الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي وصل حد السخافة". خلاصة القول، يبدو أن إسرائيل وليدة العنف ونمت وتأسست عن طريق العنف واستحكمها اعتقاد أن وجودها سينتهي إن هي تركت منهج العنف والإرهاب، وكانت ولا زالت رأس حربة العنف والإرهاب بالشرق الأوسط. ووجوها كان له تأثير كبير في نمو تيارات إرهابية عديدة.