السبت 17 أكتوبر 2015 "قضية فلسطين والمسجد الأقصى وما أدراكَ ماهيه، وقعت منذ البَدْء بين أيدي أَثيمة اتَّجرت بها، وتلاعبتْ بمبادئها، ومارَست الخيانةَ الجلية في تناوُلها والخوض فيها، بينما الطرفُ الآخر كان جاداً يقظا، كلُّه إيمان وجدٌّ ونشاط، بنبوآتهم المزَّيفة، وخرافاتهم التليدة والحديثة، وعنصريتهم الفريدة التي فّرضوها على العالَم؛ وتمكنوا من قلب الموازين، ومَسخ المفاهيم، وتكذيب الحقائق، وبرعوا في التدليس والتلبيس والدس بين سمع العالَم وبصَرهِ، وسلكوا لذلك أقرب الطرق وأضمنَها لتحقيق المآرب والأهدافِ كيفما كانت، إلاَ وهي الطريقُ الاقتصادية، فسَعوا جادّين لاحتجاز المال، والسيطرة على سُبُله، مؤمنين بأن عالَم النفاق والكَذب والأطماع يُعتبر أرخصَ السّلع في دنيا القِيَم، وهكذا انفردوا في هذا العالَم بالتجارة في الذِّمَم، ومسخ الأخلاقِ، والعبث بالمبادئ لصالحهم، وقد عِشنا قبل ظهور "إسرائيل" زمناَ لا نسمع لليهود نَأمَةً ولا حركةً، والمسلمون غارقون في أوحال الثالوث المدمر: الجهلِ والفقرِ والمرضِ، واليهود يتحركون هنا وهناك لانتهاز الفُرصة، وما هي إلا سنوات حتى كان وعدُ بِلفُور، وقيامُ "إسرائيل" على أرض (الميعاد)، وعلى الإسلام والعَرب والفلسطينيين العَفاء. وقد مرّ للآن على قيام دولتهم قرابةُ نصف قرن والحالُ هي الحالَ، هُنا غفلةٌ وخيانة وخِذلانٌ بل وتآمرٌ، وهناك عملٌ وجِدٌّ ونشاط بشكل أكثر خُبثاً وضَراوةً مِن ذي قبل، لأن القضية أشرفت على النهاية، والمسجدُ الأقصى يحتضِر ولا معتصِمَ لهُ ولا صلاحَ الدين، ونبوآت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تتجلى أكثر من ذي قبل في غُثائية المسلمين وهُم مليار ونصف يجلّلهم الذل والصغار المسلط عليهم بسبب حِرصهم على الدنيا والحكم، وإخلادِهم إلى الراحة، وتَبلُّد شعورِهم، ومُخالفةِ أمر اللهَ ورسوله، والحلُّ بأيديهم، والطريقُ معبَّد مسلوكٌ، والداعي مازال في قلب كل مؤمن، ولكنَّ الداء كلَّ الداء إنما يستشري عند فساد الرأس، والإعراضُ عن الله سببُ كلِّ شَر، وصدق الله عز وجل في قوله: (وكذلك نولي بعضَ الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبُون) . مصيف تامَرْنوت ربيع الثاني 1422 محمد بوخبزة عُفي عنه. (موقع: الفتح).