في ظل الضغوط التي تمارس على السعودية، للحاق بركب تطبيع بعض الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل، من بينها الإمارات والبحرين، لا تزال الرياض تؤكد على أن هذا الأمر مرهون بحقوق الفلسطينيين والانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان السورية. وخلال كلمته بالأممالمتحدة، أمس الاثنين أشار نائب المندوب الدائم للسعودية لدى الأممالمتحدة، خالد بن محمد منزلاوي، إلى أنه "لا يمكن تحقيق السلم والأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني، ما لم يتم حصولهم على حقوقهم المشروعة بالعيش على أرضهم، بما يحقق آمالهم وطموحاتهم، انطلاقا من مبادئ ميثاق الأممالمتحدة، التي تُعنى في الأساس بتحقيق الأمن والسلم الدوليين، وقمع أعمال العدوان، ومنع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها، بما يؤكد احترام مبدأ المساواة في الحقوق بين الشعوب، وأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها"، وذلك حسب وكالة الأنباء السعودية "واس". وقال منزلاوي إن "القضية الفلسطينية قضية عربية أساسية"، مؤكدا أن السعودية "لم تتوان عن الدفاع عن القضية الفلسطينية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن حتى يومنا هذا"، لافتا إلى أن "هذه القضية، لا تزال على رأس القضايا التي تدعمها السعودية في سياستها الخارجية". كما أعلن عن الثبات في موقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه الدفاع عن حقوق الفلسطينيين المشروعة، مشددا على "التمسك بمبادرة السلام العربية التي اقترحتها السعودية، وتبنتها الدول العربية في قمة بيروت في العام 2002، والتي تؤكد حق الفلسطينيين بحصولهم على دولة فلسطينية مستقلة على "حدود 1967″، وعاصمتها القدس، وعلى عودة اللاجئين، وانسحاب الاحتلال من هضبة الجولان السورية". وأعرب منزلاوي عن التزام السعودية بدعم الخيار الاستراتيجي للسلام، بناء على القرارات والقوانين الدولية، مشيرا إلى أهمية كف الاحتلال الإسرائيلي عن بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، تنفيذا لما ورد في قرار مجلس الأمن 2334، والذي اعتبر أن إنشاء الاحتلال الإسرائيلي المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، يشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي، وعقبة أمام تحقيق السلام الدائم والشامل. وشدد وفد السعودية الدائم لدى الأممالمتحدة، على أهمية حصول الفلسطينيين على حقوقهم، لإرساء نمو اقتصادي يساهم في توفير سبل العيش الكريمة، وتحسين أوضاعهم، خاصة في ظل ما يشهده العالم من انكماش اقتصادي، بسبب جائحة كورونا. وفي تعليقه على موقف بلاده، قال شاهر النهاري، المحلل السياسي السعودي، إن "المملكة العربية السعودية تمتلك رأيًا في قضية فلسطين وهو ليس حديثا بل منذ بدايات تكوين دولة إسرائيل في عام 1948، ومواقف المملكة العربية هي نفسها في الاهتمام بالشعب الفلسطيني، ومحاولة حل القضية دبلوماسيا، وتقديم الدعم المادي". وأضاف في تصريحات ل "سبوتنيك"، أن "عمليات السلام الأخيرة التي حدثت بين الإمارات والبحرين كانت خطوة ولكنها لم تكن واضحة المعالم، وعبارة عن خطوات سلام من أجل الأمن والاقتصاد". وتابع: "السعودية تعرف أن دخولها منطقة التطبيع لن يتم بعيدًا عن المبادرة العربية التي صدرت في عام 2002، وكانت تصر على الرجوع لنفس الأوضاع التي كانت في عام 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وأن يتم إعادة اللاجئين". واعتبر أن "السعودية قد تجد الفرصة سانحة لها، لكن القيادات الفلسطينية لا تقوم بالدور المطلوب لمساعدة المملكة في نزع حقوقهم، حيث ابتعدوا كثيرا عن الخط وذهبوا إلى تركيا وإيران، وأساؤوا للمملكة التي تثبت أنها لا تريد التطبيع بطريقة سهلة، وبدون نقاط رئيسية متفق عليها". وأنهى حديثه قائلًا: "نعم السعودية أغلقت الباب بالكامل أمام إسرائيل فيما يخص التطبيع، ما لم يتم عن طريق أخذ رأي الفلسطينيين والجلوس معهم، في جلسات سلام". من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن "السعودية عبرت عن موقفها الرسمي في مرات عديدة بتأكيدها على أن السلام يمر عبر تنفيذ مبادرة السلام العربية". وأضاف في تصريحات ل "سبوتنيك" الروسية، أن "الإدارة الأمريكية ستواصل الضغط على المملكة لدفعها لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي". وتابع: "السعودية دولة عربية محورية مهمة، والشعب الفلسطيني يكن لها كل الاحترام، لأن مواقفها ومساندتها السياسية للقضية الفلسطينية، لكن فتح المجال الجوي السعودي أمام طيران الاحتلال للمرور إلى الإمارات وغيرها يعد خطوة غير مباشرة وغير معلنة نحو التطبيع مع الاحتلال". وأكد أن "الشعب الفلسطيني يخشى أن يصبح المجال الجوي السعودي بوابة التطبيع مع الاحتلال، مثلما حدث من بعض الأشقاء العرب الذين تهافتوا على التطبيع، مشيرًا إلى أن "الاتفاقيات التي وقعتها الإمارات مع الاحتلال بإلغاء التأشيرات بين الطرفين في الوقت الذي لا تسمح فيه الإمارات لأبناء الأمة العربية والإسلامية قاطبة عبور أراضيها قبل الحصًول على تأشيرة". وكان مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، آفي بيركوفيتش، قد قال إن على السعودية اتخاذ قرار بالتطبيع مع إسرائيل. في المقابل، أكد وزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان بن عبد الله، على ضرورة تركيز جهود السلام في الشرق الأوسط على إعادة إسرائيل والفلسطينيين إلى المفاوضات، في تعليق يستبعد تطبيع بلاده مع تل أبيب قريبا.