هوية بريس-متابعة لم يسلم قطاع الغاز من تأثيرات فيروس كورونا، فبعد انهيار أسعار النفط لمعدلات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة، سجل الغاز الطبيعي أكبر تراجع سنوي على الإطلاق. وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير توقعاتها السنوي، إن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي يتجه صوب تسجيل أكبر تراجع سنوي على الإطلاق بفعل أزمة فيروس كورونا وشتاء معتدل الحرارة في نصف الكرة الأرضية الشمالي. وطرح البعض تساؤلات بشأن مستقبل أسواق الغاز الطبيعية، ومدى إمكانية أن تشهد أزمة مماثلة للأزمة التي شهدتها أسواق النفط، وإمكانية هبوط أسعاره لمعدلات قياسية. وبحسب وكالة الطاقة من المتوقع تراجع الطلب العالمي على الغاز 4 % أو ما يعادل 150 مليار متر مكعب إلى 3850 مليار متر مكعب هذا العام، أي مثلي حجم التراجع الذي أعقبته الأزمة المالية في 2008. وشهدت أسواق الغاز العالمية الكبيرة تراجع الأسعار إلى مستويات قياسية منخفضة، إذ تعثر الطلب بفعل إجراءات العزل العام المطبقة لمكافحة جائحة كوفيد-19 وتراجع الإنتاج الصناعي. ويقلص قطاع النفط والغاز الإنفاق ويرجئ قرارات استثمارية، وعلى الرغم من توقعات تعافي الطلب في 2021 فإن وكالة الطاقة لا تتوقع العودة سريعا إلى مستويات ما قبل الأزمة. وبالنسبة للعام بأكمله، من المتوقع أن تشهد المزيد من الأسواق المتقدمة في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا أكبر انخفاضات في الطلب، لتمثل ما يصل إلى 75 % من التراجع الإجمالي في 2020. وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية: "من المتوقع تعافي الطلب العالمي على الغاز بشكل تدريجي في العامين المقبلين، لكن هذا لا يعني أنه سيعود سريعا إلى الوضع المعتاد. وأضاف: "سيكون لأزمة كورونا أثر دائم على تطورات السوق مستقبلا حيث تثبط معدلات النمو وتعزز الضبابية، وستكون غالبية الزيادة في الطلب بعد 2021 في آسيا وفي مقدمتها الصين والهند حيث تطبق سياسة دعم قوية". أسباب التراجع قال الدكتور مبارك الهاجري، مستشار النفط الكويتي، في تصريحات خاصة ل"سبوتنيك" إن "عوامل العرض والطلب في قطاع صناعات الخام والغاز المسال تراجعت بسبب تداعيات أزمة جائحة كورونا العالمية منذ فبراير". وأضاف الهاجري، أنه "كان من المتوقع نمو الطلب العالمي على وتيرة متسارعة وبنسبة 4% على الغاز المسال لتوليد الطاقة خاصة في البلدان التي تستهلك الكثير من الغاز المسال واليابان وكوريا الجنوبية". وتابع مستشار النفط الكويتي: "وكان من المتوقع وصول الإمدادات العالمية من الغاز المسال إلى 380 مليون طن في العام الحالي، بزيادة قدرها 18 مليون طن من العام الماضي 2019، كذلك كان من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي عن العام الماضي بمقدار 6 مليون طن ليصل إلى 359 مليون طن من الغاز المسال". وأكد الخبير النفطي أن "بسبب رخص أسعار الغاز الطبيعي في الوقت الراهن وانكماش الطلب بسبب الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها معظم الدول، ارتفعت مستويات المخزون العالمي للغاز بشكل تاريخي، حيث بلغ مخزون الغاز الأوروبي 62 مليار متر مكعب". صادرات الغاز الطبيعي الأمريكية تهبط لأدنى مستوى في 13 شهرا وأنهى حديثه قائلًا: "ومن المتوقع زيادة التخزين وبلوغها 98% من السعة التخزينية، إذا ما واصلت البلدان إجراءات الحظر الشامل". الغاز والطاقة النظيفة بدوره قال عبدالله عبدالعزيز الخاطر، الخبير القطري في مجال الاقتصاد والمالية، إن "الغاز يواجه تراجعًا كبيرًا في الطلب ولكن عند عودة الطلب ستكون هناك عودة أكبر للغاز الطبيعي باعتباره الطاقة النظيفة". وأضاف الخاطر في تصريحات ل "سبوتنيك"، أن "فيروس كورونا أبرز خلال ذروة الوباء إلى أي مدى يحتاج العالم للطاقة النظيفة للمحافظة على البيئة وخفض الغازات الدفيئة". وأكد الخبير القطري أن "بلدان آسيا خاصة البلدان كثيفة السكان مثل الصين والهند وباكستان وبنغلادش تواجه درجات عالية من التلوث، ما يسبب الأمراض و قد يؤدي لفشل أو تراجع تلك المدن أو حدوث بعض الأزمات". وتابع: "من هذا المنطلق، ومن أجل إنقاذ تلك المدن لابد من خفض استخدام وسائل الطاقة المسببة للتلوث وزيادة استخدام الطاقة النظيفة". وأنهى حديثه قائلًا: "الطلب على الطاقة النظيفة أصيل في الاقتصادات وخاصة في آسيا، وكورونا قد يكون دافعًا ومحفزا لزيادة استخدام الطاقة النظيفة، لذلك فإنه من المتوقع زيادة الطلب ورفع معدل الاستخدام، أما النفط فقد يعود الطلب عليه ولكنه في تراجع أمام الغاز". وفي الأسبوع الماضي هوت كميات الغاز الطبيعي التي تتدفق في خطوط أنابيب إلى محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال في الولاياتالمتحدة إلى أدنى مستوى في 13 شهرا، مما يشير إلى طلب ضعيف حول العالم بسبب إجراءات العزل العام الرامية لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد. وانهارت الأسعار العالمية للغاز الطبيعي المسال إلى مستويات قياسية منخفضة في أوروبا وآسيا في الأسابيع القليلة الماضية بسبب وفرة في المعروض من الغاز الطبيعي، رغم أن الاستهلاك يبقى أقوى من استهلاك البنزين الذي تكبحه قيود السفر؛ حسب "رويترز".