إن من المستغرب حقا أن ترى أمة "اقرأ" أصبحت لا تقرأ، لكن حين تبحث في أسباب ذلك تدرك أن قوة من القمع والتجهيل هي التي حولتنا إلى ما نحن فيه، وحين انشغلت هذه القوة الغاشمة التي كانت تحول بيننا وبين كلمة "اقرأ" -التي هي نبض طبيعي لأمة مسلمة- ظهرت مواهبنا وانطلقت إبداعاتنا. وإذا كنت تشك في هذه المقدمة، فاسمع إلى شهادة الأعداء، يقول الجنرال فالز متحدثا عن سنة 1834م ، "إن كل العرب (الجزائريين) تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، حيث إن هناك مدرستين في كل قرية". ولقد كتب الرحالة الألماني فيلهلم شيمبر، بعد أن زار الجزائر عام 1831م، قائلا: "لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب" ولذلك فإن عدد المدارس التي أحصيت سنة 1830م في الجزائر إلى 2000 مدرسة. لذلك كان أول عمل للاحتلال الفرنسي هو محاربة المدارس والقضاء على التعليم، حتى أنه بعد أقل من قرن على الاحتلال الفرنسي للجزئر، أصبح أطفال الشعب الجزائري أميين لا يعرف القراءة والكتابة منهم إلا 5 % سنة 1914. إن الشعب المغربي بشكل عام، فيه كل مقومات الإبداع، وكل ما نحتاجه هو التحرر من الاستعمار المادي والاستعمار المعنوي والاستعمار النفسي والثقافي، وإذا حصل هذا التحرر فسوف ترى عجبا من كثرة المواهب وتدفق الأفكار. إن أهم عنصر من عناصر التحرر هو التحرر النفسي الذي تعود به ثقتنا في قدراتنا ولغتنا وتاريخنا، حيث تشكل هذه العناصر الدافع الذاتي الذي يحول المجتمع كله إلى طاقة من الإبداع والتطور. فاللهم اشدد وطأتك على رؤوس الظلم في العالم، واجعل هذا الوباء سببا لتحرير الشعوب المستضعفة التي حرمت من خيراتها وقتلت مواهبها واستبيحت مواردها من دول الاستكبار العالمي، وعلى رأسهم أم الخبائث #فرنسا والتي لا زالت شعوب إفريقيا ترزح في التخلف والفقر والجهل بسبب استعمارها. قال تعالى {وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر} فاللهم إنا متضرعون خائفون وجلون تائبون متذكرون، فارفع عنا هذا البلاء واجعل عاقبته خيرا على شعوبنا وبلداننا وعلى كل الأحرار والأخيار في العالم.