سبق أن أشرت في مقالي السابق إلى أن التعليم عن بعد في زمن الكورونا يوسم بالردة الديداكتيكية في أغلب الممارسات التعليمية، كما ألمعت إلماعةً سريعة إلى أهمية التقويم في التعليم مع استحضار ما تفرضه "كورونا " من قيود على العملية التعليمية التعليمة برمتها. وهذا المقال سيسير في المساق التربوي نفسه، – بطابع تساؤلي- حين يعرض للدعم التربوي وما أرخت به كورونا عليه من ظلال وارفة. لقد جاءت هذه الأسطر في ظل الدعوات والوعود الرسمية القاضية بتخصيص حيز للدعم آناء وبعدَالحجر الصحي. إن الدعم التربوي كما لا يخفى على شريف علمك أيها القارئ، هو " نشاط تعليمي تعلمي يسعى إلى تدارك النقص الحاصل لدى المتعلم" . وبناء على ذلك فهو يهدف إلى جعل المتعلم قادرا على تجاوز تعثره في الوقت المناسب، قبل أن تتكاثر هذه التعثرات فتشكل عائقا تعليميا. إلا أن الدعم التربوي في زمن الكورونا ليس له ذكر إلا في مخيلة وأحلام ثلة طيبة مباركة من الناس، غير آبهين إلى الضرر الذي سيطال ذلكم المتعلم إن كثرت تعثراته فاستحالت عائقا. أينفعه بعد انقشاع غمة الكورونا دعم ؟؟ دعك من هذا، واستحضر معي هدفا آخر من أهداف الدعم، إنه تجاوز معيقات التعلم التي لا يكون المتعلم بالضرورة سببا فيها. أيتحقق الدعم في هذا الحالة بمساعدة المتعلم على تجاوز هذه المعيقات؟ الجواب: لا،في الأغلب، فمتعلمنا لا يكاد يجد رغبة في التعلم عبر وسائل اعتادها للدردشة واللهو مع هذا وذاك، متمتعا بحرية يريد الأستاذ سحبها منه حين يسجنه سويعات يلقنه الدرس تلقينا. أضف إلى الهدفين السابقين هدفا آخر من أهداف الدعم التربوي في حالة السواء؛ إنه: تقليص الفوارق التعليمية بين المتعلمين والمتعلمات؛ هل تجد للدعم عن بعد أو حتى عن قرب ما يلقص هذه الفوارق؟؟ لا، بل نجد ما يوسعها حين تجد نسبا كبيرة من المتعلمين لا تتفاعل مع الدرس الأصلي، فكيف بها تعطيك من وقتها كي تساعدها على تقليص هذه الفوارق؟ ولا أنسى هنا هدفا آخر من أهداف الدعم ، إنه: إعطاء فرصة جديدة للمدرس كي ينتقي بدائل بيداغوجية وديداكتيكية جديدة، يستطيع من خلالها كسر التعثر ثم جَبْرَه جبيرةً تُقوي مكتسبات المتعلم، وتُلحقه بركب المتفوقين. لكن في ظل الكورونا وما أرخته من سدولها على المتعلم والمعلم، أيجد الأستاذ فرصة لهذه الممارسة كي يحقق الدعم؟؟ إن الأستاذ في إطار الدعم العادي يجد بدائل ويخلق سيناريوهات خلقا – رغم الإكراهات- تُمكنه من تقليص نسبة المتعثرين، فيعمد إلى التحفيز وإلى التعليم بالنظير، وإلى الدعم النفسي والاجتماعي أحيانا، كل ذلك والمتعلم أمامه لا يغيب عن ناظريه. لكن في حالة الكورونا هل تجد للمتعلم ذكرا او تسمع له ركزا؟ لا، فهو في عطلة لطالما داعبت أحلامه، إلا فئة قليلة تستفيد من التعليم عن بعد،وتتجاوز تعثراتها بالنهل من توجيهات المدرس. فلا مناص إذن من القول بأن الدعم البيداغوجي لن يؤتي أُكمله في هذه الظروف الصعبة، بل إن أخوف ما يخافه المتتبع لهذا الشأن أن تتحول تعثراتالمتعلمين – بسبب السلبيات الكثيرة للتعليم عن بعد- إلى عوائق، ستستدعي سبلا أخرى في الدعم، ربما تخرج من سياقها التعليمي التعلمي إلى سياقات نفسية اجتماعية. فلا ضَيْر أن التعليم عن بعد في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكثير من المتعلمين يعتبر ضربا لمبادئ تكافؤ الفرص، التي يراد استدراكها بالدعم التربوي، وأنَّى يتأتى ذلك، فلا دعم في هذه الآونة ينفعُ إلا الدعم الاجتماعي والاقتصادي اللذان يعتبر مطية وسبيلا لذلكم الدعم التربوي المنشود. [email protected]