توصل باحثان طبيان، من بينهما خبيرٌ بريطاني متخصص في دراسة الشعور بالألم، وفق دراسة حديثة إلى أنَّ الأجنة تشعر بألم الإجهاض قبل الوصول إلى الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة The Daily Mail البريطانية، فإن الباحثين يتبنيان دراسة تقول أنَّ الأجِنة قد تشعر "بشيء يشبه الألم" منذ وصولها إلى 13 أسبوعاً، وهي نتيجة تعاكس ما كان معروفاً ومتفقاً عليه من أن الأجنة تبدأ في الشعور بالألم بعد الأسبوع الرابع والعشرين. هذا ويؤكِّد الباحثان أنَّ النساء اللواتي يذهبن إلى الإجهاض بعد وصولهن إلى هذه المرحلة من الحمل يجب أن يُخبَرن بأنَّ الجنين قد يشعر بالألم في أثناء الإجهاض. ويجب على الطاقم الطبي كذلك أنَّ يسأل المرأة عمَّا إذا كانت تريد أن تُعطى مُسكِّناً للألم. الباحثان كتبا في دورية Journal of Medical Ethics المؤثِّرة أنَّ متابعة إجراء عمليات الإجهاض دون الاكتراث بالأدلة الجديدة «محفوفة بتهورٍ أخلاقي». في حين قال علماء مناهضون للإجهاض مساء السبت 18 يناير، إنَّ ادعاءات هذين الباحثين يجب أن تُغيِّر المواقف تجاه الإجهاض وممارسته، لكنَّ هذه التصريحات سرعان ما قوبلت بالرفض من جانب مؤسسة British Pregnancy Advisory Service التي تعد أكبر الهيئات التي تُقدِّم خدمات الإجهاض في بريطانيا. تجدر الإشارة إلى أنَّ المؤلف الرئيسي للمقالة المثيرة للجدل، هو الأستاذ البريطاني ستوارت ديربيشير، الذي يعمل مستشاراً لمنتدى حرية الإجهاض في المملكة المتحدة ومنظمة Planned Parenthood الأمريكية البارزة في الدفاع عن حرية الإجهاض. ففي عام 2006، كتب ستوارت في دورية British Medical Journal إنَّ عدم التحدث مع النساء اللواتي يرغبن في الإجهاض عن الآلام التي يشعر بها الأجِنة يُعد «سياسة سليمة تستند إلى دليل قوي مفاده أنَّ الأجِنَّة لا يُمكن أن تشعر بالألم». لكن في المقالة الأخيرة المنشورة في دورية Journal of Medical Ethics، قال ستوارت والطبيب الأمريكي جون بوكمان إن هناك «أدلة قوية» الآن على أنَّ الدماغ والجهاز العصبي يكونان قد تطوَّرا بحلول الأسبوع الثامن عشر من الحمل، بدرجةٍ كافية تجعل الجنين يشعر بالألم. فيما قبل تلك المقالة، كان يُعتَقد أنَّ القشرة الدماغية -وهي طبقة الدماغ الخارجية التي تتعامل مع المعلومات الحسية- على وجه التحديد لا تتطوَّر في هذه المرحلة بما يكفي للشعور بالألم. نتيجةً لذلك، «أشارت العديد من الهيئات الطبية.. إلى أنَّ الشعور بالألم مستحيل قبل وصول الحمل إلى 24 أسبوعاً»، حسب ما ذكر ستوارت وبوكمان. غير أنَّ بعض الدراسات الحديثة توضِّح «أنَّ هذا الإجماع لم يعد صحيحاً»، على حد قولهما. إذ وجدت إحدى الدراسات أنَّ شخصاً بالغاً مُصاباً بتلفٍ شديد في قشرته الدماغية ما زال قادراً على الشعور بالألم. قال الباحثان إنَّ «الاختلافات الشديدة بينهما» حول أخلاقيات الإجهاض «ينبغي ألَّا تتداخل مع مناقشة إمكانية شعور الجنين بالألم». أما بالنظر إلى التطورات الأخيرة في فهم حاسة الشعور لدى الأجِنة، «فالتصرُّف كما لو كنا متيقنين» من أنَّ الأجنة لا يمكن أن تشعر بالألم قبل وصول الحمل إلى 24 أسبوعاً «يعد محفوفاً بتهورٍ أخلاقي نسعى بشدة إلى تجنُّبه»، على حد قولهما. ووفق عربي بوست، فإن استنتاجاتهما تثير تساؤلاتٍ جدية حول قطاع مؤسسات الإجهاض في المملكة المتحدة، الذي أجرى حوالي 218281 عملية إجهاض في عام 2018، أي ما يقرب 23% من جميع حالات الحمل في ذلك العام. فيما تُجرى 6 آلاف عملية إجهاض سنوياً بعد الوصول إلى 18 أسبوعاً أو أكثر من الحمل. من جانبهما قال ستوارت وبوكمان: «بالنظر إلى الأدلة التي تشير إلى أن الجنين قد يستطيع الشعور بشيءٍ يشبه الألم أثناء عمليات الإجهاض التي تجري في مراحل لاحقة، يبدو من المنطقي أن يُشجَّع الفريق الطبي والمرأة الحامل على التفكير في تسكين ألم الجنين». لكنَّ كلير مورفي، مديرة الشرون الخارجية في مؤسسة British Pregnancy Advisory Service، قالت: «لقد خلصت المراجعة الأشمل بخصوص هذه المسألة حتى الآن إلى أنَّ الجنين لا يستطيع أن يشعر بالألم قبل وصول الحمل إلى 24 أسبوعاً». فيما قال أنطوني ماكارثي من جمعية Society for the Protection of Unborn Children لحماية الأجِنَّة: «لا يوجد شيءٌ في هذه الورقة من شأنه أن يؤدي إلى تغيير في ممارسات الإجهاض. والمجتمع الذي يدعي أنَّه يأخذ آلام الحيوانات على محمل الجد يجب ألَّا يتهرَّب من مواجهة الألم الذي يصيب الأجِنَّة باسم «حرية الاختيار»». أضاف: «ومع ذلك، فجعل الموت غير مؤلمٍ للشخص المقتول ليس مبرراً لإزهاق روحه». من جانبها قالت فيونا بروس النائبة البرلمانية البريطانية المُناهِضة للإجهاض: «نظراً إلى ظهور وجهات نظر وأبحاث جديدة متعلقة بألم الأجنة، يجب إعادة النظر في إرشادات الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد حول الإجهاض، التي يبلغ عمرها الآن حوالي عشر سنوات». فيما قال النائب ديفيد ألتون، وهو عضو في تحقيقٍ برلماني حول آلام الأجنة، إنَّ «هذا الدليل الجديد يضع مزيداً من الضغط على البرلمان لإعادة النظر في الحد الزمني الأقصى الحالي للإجهاض بشكلٍ عاجل. لقد أجرينا آخر مناقشة مُستحقة حول الحد الزمني الأقصى للإجهاض في عام 2008». هذا ولم ترد الكلية الملكية البريطانية لأطباء النساء والتوليد على طلب التعليق على هذا الأمر.