حملات تضامن واسعة المدى انطلقت عالمياً، مع مسلمي الإيغور الذين يتعرضون لواحدة من أقسى حملات الإبادة العرقية في العصر الحديث، والذين يسكنون إقليم تشينجيانغ، أو «تركستان الشرقية»، إليك لمحة تاريخية عن هذا الإقليم.. تركستان الشرقية تقع أراضي تركستان الشرقية في آسيا الوسطى، وتطلق عليها الصينوروسيا أسماء مختلفة، كلٌ حسب أغراضه السياسية؛ فروسيا تطلق عليها تركستان -مفصلةً إلى ترك وستان أي «أرض الترك»- في حين تسميها الصين مقاطعة شينجيانغ. يحدها من الشمال الغربي كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيستان، ومن الجنوب: أفغانستانوباكستان، ومن الشرق أقليم التبت الصيني. ظل اقتصاد تركستان الشرقية قائماً وعلى مدار عقود طويلة على الزراعة والتجارة، وفي أوائل القرن العشرين أعلن الإيغور لفترة وجيزةٍ الاستقلال، لكن المنطقة خضعت لاحقاً لسيطرة الصين في عام 1949، ومنذ ذلك الحين يخضع الإيغور في الإقليم لاضطهاد على أساس ديني وصل لحد حرمانهم من ارتداء ملابسهم القومية وممارسة شعائرهم الدينية، لا سيما مع وصول رئيس الوزراء، لي كه تشيانغ، إلى السلطة في عام 2013. أصول الإيغور تعني كلمة الايغور أو الايجور التضامن والاتحاد، والإيغور شعب من أصل تركي يضم أعراقاً متعددة، منهم الآذر والقيرغيز والكازاخ والتتار. الدين يدين الإيغور بالديانة الإسلامية، وكانت اللغة الرسمية هي اللغة الإيغورية أو ما يُعرف بلغة القوقاز ويستعملون اللغة العربية في كتابتها، قبل أن تحول الصين اللغة الرسمية فيها إلى اللغة الصينية. سبب الصراع في تركستان الشرقية يقع الإقليم في موقع ممتاز، فحدوده مع 5 دول هي (باكستان، وطاجاكستان، وقيرغيزستان، وأفغانستان، وكازاخستان)، كما يربطه من الشمال روسيا، ومن الجنوب الغربي الهند، تجعله يمر «طريق الحرير القديم»، وطريق الحرير تعتبره الصين مشروعاً اقتصادياً ضخماً، وتسعى للسيطرة على موارده ولا تسمح لأقليات بالسيطرة عليه، إضافة إلى أن إقليم تركستان غني بالبترول، ويعتبر ثاني أكبر إقليم منتِج للنفط في الصين، إضافة إلى الغاز الطبيعي، والفحم والرصاص والزنك. تركستان والإسلام دخل الإسلام في تركستان الشرقية في القرن الرابع الهجري، حينها اعتنق التركستانيون الإسلام بقيادة زعيمهم آنذاك «ستوق بغراخان خاقان» رئيس الإمبراطورية القراخانية عام 943، حينها دخلت نحو 200 عائلة في الإسلام جملة، وبدأوا نشر الدين الإسلامي إلى المناطق المجاورة لهم. الثورات في تركستان الشرقية بدأت معاناة المسلمين في تركستان منذ عام 1644، حين بدأت أسرة «مانشو» الحاكمة اضطهاد المسلمين لأسباب لم تكن واضحة، وحينها تعرضوا للإقصاء والتهميش. استمرت الأزمة إلى عام 1760، حين استولت الصين على الإقليم، وألغت نظام البكوات الذي كان قائماً آنذاك، ووحدت ولايات تركستان في ولاية واحدة، ثم بدأت بنقل أعداد كبيرة من الصين إليها فيما يُعرف سياسياً باسم «تصيين تركستان الشرقية». وعلى مدار قرنين استمر الحكم الإسلامي على الإقليم، مع محاولات الصين المستمرة السيطرة عليه وإخضاعه لحكمها. في عام 1875، احتلت الصينالإقليم، وظل خاضعاً لسيطرة الحكومة حتى عام 1931، اشتعلت الثورة حين أبدى المسلمون اعتراضاً على تقسيم المنطقة إلى وحدات إدارية، وأشعل فتيل انتفاضتهم حين قام رئيس الشرطة بالاعتداء على امرأة مسلمة، فما كان من المسلمين إلا أن قتلوه هو وحراسته. خرج المسلمون في الإقليم إلى الشوراع ووضعوا أيديهم على مدينة «شانشان»، و «طرفان»، و «ِأورمتشي» قاعدة تركستان الشرقية، وعزلوا الحاكم، وعيَّنوا بدلاً منه حاكماً مسلماً، فما كان من الحكومة الصينية إلا أن تعترف بالأمر الواقع. اشتعلت الثورة في جميع نواحي تركستان، وأعلن عديد من زعماء الحركة الثورية تمردهم واستولوا على مدنهم، حينها قام «ثابت داملا»، وهو واحد من قادة حركة استقلال تركستان الشرقية، بتوحيد صفوف الثوار، حتى تم تعيينه أول رئيس وزراء لحكومة تركستان في 12 نوفمبر من عام 1933. بعد أقل من عام، عادت الحكومة الصينية للاستيلاء على الإقليم، وتم اعتقال ثابت وأكثر من ألف مسلم من الحكومة والثوار، وتم تسليمهم إلى الحاكم الصيني، شينغ شيكاي، حاكم إقليم سنجان، وأُعدموا شنقاً في يونيو/حزيران من عام 1934. بدأ الروس بموجب التحالف الصيني-الروسي التدخل في إقليم تركستان الشرقية أيضاً، ومنذ عام 1937 حصل الروس مقابل مساعدتهم للصين على حق التنقيب عن الثروات المعدنية، والحصول على الثروات الحيوانية في الإقليم واستخدام الخدمات الإدارية. في عام 1946، حصلت تركستان على الاستقلال الذاتي مجدداً، وخلال الحرب العالمية الثانية تمكنت من أن تنأي بنفسها بعيداً عن الصراع إلى أن تعرضت لهجمة القوات الصينية عام 1949م، ومن هنا بدأت المعاناة الحقيقية لأهل تركستان. كان عام 1949 إيذاناً ببداية المعاناة الحقيقية، كأن كل ما سبق لم يكن يكفي لعقابهم على محاولاتهم حكم أنفسهم حكماً ذاتياً، بدأ التنكيل بالإيغور الذين يشكلون غالبية سكان تركستان، فمُنعوا من دخول المساجد، والصوم في رمضان، واعتلاء أي مناصب في الدولة، وحظر تداول كل ما هو إسلامي في الإقليم. ويعاني الإقليم الذي احتُل بعدما احتلت إسرائيل فلسطين بعام واحد إجراءات عقابية على نطاق واسع، إذ الأطفال في المدارس يُستجوبون عما إذا كان أهلهم في البيت يقيمون الصلوات أو يصومون رمضان، ويمارَس بحقهم كل أشكال الضغط النفسي للاعتراف بديانات آبائهم. أشارت بعض التقارير الحقوقية إلى قيام الحكومة الصينية باحتجاز نحو مليون مسلم من الإيغور الأطفال في معسكرات سرية أُطلقت عليها «معسكرات التأهيل»، وهناك يعلّمونهم اللغة الصينية، والمذهب الشيوعي، ويطمسون بشكل ممنهجٍ كل مظاهر الحياة الدينية. إجراءات الحكومة ضدهم.. اتخذت حكومة الصين كثيراً من الإجراءات تجاه سكان الإقليم، منها اعتبار الإسلام خروجاً عن القانون! -إلغاء الملكية الفردية -استبدال مناهج التعليم الخاصة بالتاريخ الإسلامي بتعاليم «ماوتسي تونغ»، وهو الرئيس الصيني في الفترة من 1949 إلى 1959، وزعيم الحزب الشيوعي. -جعل اللغة الصينية هي اللغة الرسمية -المنع من السفر -قوانين لتحديد النسل