تعالوا بنا أيها الأحبة نشق طريقنا إلى منزلة الصديقية، تعالوا بنا نرقى بأنفسنا إلى مصاف الصديقين، تعالوا بنا نقتفي أثر الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، تعالوا بنا نسلك مسلكهم ونسير على هديهم. وهذه خمس معالم تعين السالك وتحقق المبتغى والله المستعان. أولها: تحري الصدق ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق. فإن الصدق يهدي إلى البر. وإن البر يهدي إلى الجنة. وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإياكم والكذب. فإن الكذب يهدي إلى الفجور. وإن الفجور يهدي إلى النار. وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا» فطريق الصديقية تحري الصدق والحرص عليه في الاعتقاد والقول والعمل. فيعتقد العبد في ربه الكمال والجمال والقدرة و…. ويحرص على تصديق هذا الاعتقاد في حياته. ويعتقد أن المعبود بحق بلا شريك هو الله تعالى، فيحرر قلبه من عبودية غير الله. ويعتقد أن لسان المؤمن وجب أن يطوع لقول الحق في كل أحيانه، فيجاهد نفسه على ذلك……. فإذا فعل هذا كان مرشحا لمنزلة الصديقية. « وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا» فاللهم اجعلنا منهم برحمتك يا أرحم الراحمين. ثانيها: التخفف من الذنوب والمعاصي فالذنوب والمعاصي سواد في القلب وطمس للبصيرة وحرمان من خيري الدنيا والآخرة. قال ابن المبارك: رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها ثالثها: محاسبة النفس محاسبة النفس طريق إصلاحها وسلامتها، فمن الصدق مصارحتها بواقعها وعدم التغرير بها. كما أن الصدق معها يقتضي حملها على طاعة الله ومجاهدتها للابتعاد عما حرم الله. «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» الحشر 18 رابعها: مع الصادقين ومما يعين على الارتقاء إلى منزلة الصديقية الكون مع الصادقين ومصاحبة الصادقين. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» [التوبة119] أي كونوا معهم في نصرتهم لله ولرسوله والجهاد لإعلاء كلمته وبذل الجهد في الدعوة إليه. فسياق الآية الكريمة يميز الصادقين عن المنافقين المتخلفين عن نصرة الله ورسوله. قال تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» [الحجرات15]. فاللهم اجعلنا منهم بفضلك ومَنِّك. خامسها: التضرع إلى الله تعالى لعل الله تعالى ينعم على عبده بالصدق بسلوك سبيل الصادقين هو ولي ذلك والقادر عليه سبحانه. «وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا» الإسراء 80 جعلني الله وسائر الإخوة الأحبة من الصادقين والحمد لله رب العالمين.