هوية بريس – الجمعة 27 فبراير 2015 * متى يكون للمتظاهرين حكم البغاة عند الحنابلة؟ قال ابن قدامة في تعريف البغاة: "قوم من أهل الحق يخرجون عن قبضة الإمام، ويرومون خلعه؛ لتأويل سائغ، وفيهم منعة، يحتاج في كَفِّهم إلى جمع الجيش فهؤلاء البغاة" (المغني؛ 12/242). فهذا يعني أنه يشترط في البغي: – الخروج عن طاعة الإمام، والسعي إلى خلعه. – التأويل السائغ. – المنعة. وهذا ما عبر عنه ابن مفلح بقوله في البغاة: "…وهم الخارجون على الإمام بتأويل سائغ، ولهم شوكة، لا جمع يسير… وإن فات شرط فقطاع طريق" (الفروع 10/170). ويشترط الحنابلة في المنعة والشوكة: العدد الكثير. قال المرداوي: "مفهوم قوله (ولهم منعة وشوكة) أنهم لو كانوا جمعا يسيرا: أنهم لا يعطون حكم البغاة، وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب" (الإنصاف 10/272). ولا يشترطون التحيز في طرف ولاية الإمام. قال المرداوي: "ظاهر كلام المصنف أيضا : أنه سواء كان فيهم واحد مطاع أو لا، وأنهم سواء كانوا في طرف ولايته أو وسطها، وهو صحيح، وهو المذهب، وهو ظاهر كلام الأصحاب" (الإنصاف10/272). والصحيح في المذهب الحنبلي أنه لا يشترط في البغي أن يكون الإمام عدلا، بل إنه لا يجوز الخروج عليه نظرا لما يترتب على الخروج من مفاسد تفوق غالبا المفاسد الواقعة بسبب جوره. قال المرداوي: "(وهم الذين يخرجون على الإمام بتأويل سائغ): أنه سواء كان الإمام عادلا أو لا، وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب" الإنصاف (10/272). قال ابن مفلح بعد أن ذكر من أجاز الخروج على الإمام الجائر: "ونصوص أحمد أنه لا يحل، وأنه بدعة مخالف للسنة، أمر بالصبر، وأنه إذا وقع عمت الفتنة، وانقطعت السبل، وسفكت الدماء، وتستباح الأموال، وتنتهك المحارم. قال شيخنا (يعني ابن تيمية): "عامة الفتن التي وقعت من أعظم أسبابها قلة الصبر، إذ الفتنة لها سببان: إما ضعف العلم، وإما ضعف الصبر، فإن الجهل والظلم أصل الشر، وفاعل الشر إنما يفعله لجهله بأنه شر، ولكون نفسه تريده، فبالعلم يزول الجهل، وبالصبر يحبس الهوى والشهوة، فتزول تلك الفتنة". يتلخص مما سبق أن الحنابلة يشترطون في البغي: – الخروج عن طاعة الإمام. – التأويل السائغ. – المنعة، ويراد بها الشوكة والعدد. وعلى هذا فإن المتظاهرين يكون لهم حكم البغاة على المذهب الحنبلي إذا اجتمعت فيهم الأوصاف التالية: – الخروج عن طاعة الحاكم بالسعي إلى خلعه. – إذا كان المتظاهرون متأولين في تظاهرهم تأويلا سائغا، مثل المطالبة بحق أو رفع ظلم، ونحو ذلك. – إذا كانوا ذوي عدد ومنعة وشوكة. فإذا تخلف شرط من هذه الشروط لم يُعد المتظاهرون من البغاة عند الحنابلة.