هوية بريس – إبراهيم الوزاني تحت عنوان "تغيير أحكام الإرث القطعية تحريف لكلام الله"، أوضح الدكتور رشيد بنكيران أن المساس بأحكام الإرث التي في القرآن يعد تركا لمحكمات الكتاب واتباعا للمتشابهات، لأنها ليست من المسائل الفقهية التي يطالها الاجتهاد، وهي فريضة فرضها الله على المسلمين بعلم وحكمة في القرآن وأكدتها السنة وأجمع عليها علماء الأمة. حيث كتب د. بنكيران مدير معهد غراس للتربية والتكوين وتنمية المهارات "يعد المساس بأحكام الإرث التي في القرآن الكريم تركا لمحكمات الكتاب واتباعا للمتشابهات { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}، فهي ليست مسألة فقهية قابلة لاجتهاد العلماء، فلا اجتهاد مع النص؛ ولا هي مسألة وقع فيها اختلاف الصحابة أو أئمة الأعلام؛ ولا هي مسألة فرعية تخضع لظروف الزمان والمكان؛ ولا هي مسألة يقطع فيها قول حاكم أو سلطان أو برلمان؛ وإنما هي مسألة جعلها الله وصية منه للمسلمين وفريضة فرضها عليهم بعلم وحكمة {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ… فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} وإنما هي مسألة حكم فيها العليم الحكيم الذي أعطى لكل ذي حق حقه، بكلام في القرآن الكريم لا يحتمل التأويل ولا يخضع لمراجعة أو تعقيب؛ {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} وإنما هي مسألة أكدتها السنةُ النبوية، المصدر الثاني للتشريع السماوي « أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا»؛ وإنما هي مسألة أجمعت عليها الأمة على بكرة أبيها منذ صدر التشريع إلى يومنا هذا، والإجماع هو المصدر الثالث للتشريع. وأي تغيير يلحق ما قرره الله في الإرث في كتابه المبين يعد المغير مشرعا مع الله ونصّب نفسه شريكا لله وندا له: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)؛ وأي محاولة لتغيير أنصبة المواريث التي جاءت في صريح القرآن يعد المغير مُحادّا لله (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ)، وأي موقف مخالف لأحكام الإرث التي جاءت في القرآن يعد مشاقة لله ولرسوله ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)، وأي استبدال لما خص الله به الأنثى في الإرث أو الذكر يكون استبدالا للذي هو أدنى بالذي هو خير: (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ ). يجب أن يعلم كل مسلم آمن بالله ربا ومعبودا، والإسلام دينا وشريعة، ومحمد نبيا ورسولا أنه لا أحد يملك حق تغيير أحكام الإرث التي جاءت في القرآن الكريم، فما فرضه الله لن ينسخه أحد أو جماعة أو شعب، وما أحكمه الله وأبرمه لن ينقضه سلطة أو هيئة، فالشرع ما شرعه الله، والحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، وما أعطاه الله للأنثى أو للذكر من الميراث هو عين العدل وعين المصلحة، وحيث شرع الله فتم المصلحة، وحيث دفع شرع الله فتم المفسدة {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وما قسمه الله بين المرأة والرجل هو حق خالص له (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). ومن رضي بتغيير أحكام الله في الإرث التي فرضها الله في القرآن الكريم فقد رضي بالطاغوت وتحاكم إليه، والطاغوت هو كل معبود أو مطاع أو متبوع من دون الله، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}". يذكر أن الحكومة التونسية بقيادة رئيس بلدها العلماني القايد السبسي صادقت نهاية الأسبوع الماضي، على مشروع قانون ينص على المساواة في الميراث، وأحيل على البرلمان.