الأرض التي تمشي أنت عليها فيها مساحات كبيرة مسطحة، ولولا ذلك لما استوى عليها بناء، وهذا لا ينفي أن الكوكب في مجموعه مع عظم مساحته وتضمنه للمسارات المسطحة= كروي، فكروية الأرض محل إجماع وهذا واضح؛ لذلك قال الرازي من تسعة قرون في تفسير قوله تعالى: {وجعلنا الأرض مهادا}: ((بتمهيد وتوطئة، فهي مهاد للمتقلب عليها، ومن الناس من استدل بهذا على أن الأرض ليست بكرة وهو ضعيف، لأن الكرة إذا كانت في غاية العظمة يكون كل قطعة منها كالسطح)). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (آه والله ابن تيمية من 700 سنة): ((اعلم أن " الأرض " قد اتفقوا على أنها كروية الشكل وهي في الماء المحيط بأكثرها؛ إذ اليابس السدس وزيادة بقليل والماء أيضا مقبب من كل جانب للأرض والماء الذي فوقها بينه وبين السماء كما بيننا وبينها مما يلي رءوسنا وليس تحت وجه الأرض إلا وسطها ونهاية التحت المركز؛ فلا يكون لنا جهة بينة إلا جهتان: العلو والسفل وإنما تختلف الجهات باختلاف الإنسان. فعلو الأرض وجهها من كل جانب. وأسفلها ما تحت وجهها -ونهاية المركز- هو الذي يسمى محط الأثقال فمن وجه الأرض والماء من كل وجهة إلى المركز يكون هبوطا ومنه إلى وجهها صعودا وإذا كانت سماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كروية وكذا الباقي. والكرسي فوق الأفلاك كلها والعرش فوق الكرسي ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فلاة والجملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة. والأفلاك مستديرة بالكتاب والسنة والإجماع؛ فإن لفظ "الفلك" يدل على الاستدارة ومنه قوله تعالى {وكل في فلك يسبحون} قال ابن عباس: في فلكة كفلكة المغزل. ومنه قولهم: تفلك ثدي الجارية إذا استدار. وأهل الهيئة والحساب متفقون على ذلك)).