حذّرت دراسة بريطانية حديثة، من الهواء الملوث الذي تستنشقه الأمهات الحوامل يمتد آثاره الضارة ليصل إلى الجنين عبر المشيمة. الدراسة أجراها باحثون بجامعة كوين ماري في لندن، وعرضوا نتائجها، قبل أيام، أمام المؤتمر الأوروبي للجمعية الدولية للأمراض التنفسية، الذي يعقد في الفترة بين 15-19 سبتمبر الجاري بالعاصمة الفرنسية باريس. وأوضح الباحثون أن دراسات سابقة رصدت وجود روابط بين تعرض الأمهات الحوامل لتلوث الهواء والولادة المبكرة، وانخفاض وزن المولود، ووفيات الأطفال، ومشاكل الجهاز التنفسي لدى الأطفال. وللوصول إلى نتائج الدراسة الجديدة، راقب الفريق نساء حوامل كلهن مقيمات في لندن وكان من المقرر أن يلدن ولادة قيصرية في مستشفى لندن الملكي. وكانت جميع النساء غير مدخنات، وقد ولد كل منهن طفلًا سليمًا. واستعان الباحثون بمشيمة السيدات بعد الولادة لفحصها، واهتموا بخلايا معينة تسمى "البلاعم المشيمية"، وهي جزء من نظام المناعة في الجسم، يلعب دورا رئيسيا في حماية الجنين من غزو الجسيمات الضارة، مثل البكتيريا وجسيمات الهواء الملوث في المشيمة. وفحص الفريق ما مجموعه 3500 خلية من "البلاعم المشيمية" تحت المجهر، وعثروا على 60 خلية تحتوي على 72 منطقة سوداء صغيرة يعتقد الباحثون أنها جزيئات الكربون الصغيرة التي وصلت إلى المشيمة عن طريق استنشاق الأم للهواء الملوث. وقال الباحثون إن نتائج الدراسة تضيف أدلة جديدة تكشف لأول مرة عن أخطار الهواء الملوث بالنسبة للأجنة، وتشير إلى أنه عندما تتنفس النساء الحوامل الهواء الملوث ، فإن الجسيمات السامة قادرة على الوصول إلى المشيمة عبر مجرى الدم. وقالت الدكتورة ليزا مياشيتا، قائد فريق البحث: "لقد عرفنا لبعض الوقت أن تلوث الهواء يؤثر على نمو الجنين ويمكن أن يستمر في التأثير على الأطفال بعد الولادة وطوال حياتهم". وأضافت: "كنا مهتمين لمعرفة ما إذا كانت هذه الآثار يمكن أن تكون بسبب جزيئات التلوث التي تنتقل من رئتي الأم إلى المشيمة. حتى الآن، كان هناك القليل جدا من الأدلة على أن الجسيمات المستنشقة تدخل إلى الدم من الرئة". وأشارت إلى أن "نتائج الدراسة تقدم أول دليل على أن جزيئات الهواء الملوث المستنشقة يمكن أن تنتقل من الرئتين إلى الدورة الدموية ومن ثم إلى المشيمة أثناء الحمل". ويعتبر تلوث الهواء عامل خطر مساهم لعدد من الأمراض، بما فيها مرض القلب التاجي، وأمراض الرئة، والسرطان، والسكري. وكشفت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونسيف"، أن نحو 17 مليون رضيع في شتى أنحاء العالم يتنفسون هواءً سامًا، بما قد يضر بتطور أدمغتهم. وبحسب تقرير صدر عن البنك الدولي في 2016، يتسبب تلوث الهواء في وفاة شخص من بين كل 10 أشخاص حول العالم، ما يجعلها رابع أكبر عامل خطر دوليًا، والأكبر في الدول الفقيرة حيث يتسبب في 93% من الوفيات أو الأمراض غير المميتة، وفقا للأناضول.